للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - «سيكون عليكم أمراء يسألون حقهم ولا يعطون حقكم» (١).

وفي هذه النصوص: ألا يفارق الحاكم ما دامت الجماعة والسواد الأعظم معه بدلالة «فإن من فارق الجماعة»؛ فإن هذه العلة تدل أن السواد الأعظم لا زال مع الحاكم، وإذا كان كذلك حرم على فئة تفريق كلمة المسلمين والخروج عليهم، ولزم الإنكار عملا بما سبق من النصوص؛ لعدم معارضتها للصبر، إذ هو هنا عدم مفارقة الجماعة والسواد الأعظم بالسيف.

ودل الحديث التزاماً أن الحق الممنوع في الحديث لا يصل إلى درجة المظالم العامة الكبرى، يدل على ذلك الروايات الأخرى التي نصت أن الجماعة مع الحاكم، فدل على استتباب الأمر وإلا لخرجت عليه عند عظائم الجور والظلم عادة، والشريعة أحكامها جارية على مجاري العادات.

٥ - وحديث «ألا ننازع الأمر أهله» (٢) فيه: حرمة منازعة من هو أهل للولاية.

وأهليتها: مسلم، عاقل، بالغ، عدل، قوي، أمين، مصلح في الأرض.

ومفهومه يدل على منازعة من ليس أهلاً للولاية؛ فالاستدلال به على الصبر للحاكم المفسد في الأرض خطأ محض.

فتبين من أحاديث الصبر على الحاكم بترك الخروج المسلح واستمرار السمع والطاعة أنه في حالات غلبة إصلاحه في الأرض، وقلة زلاته؛ لأن النصوص الموجبة للخلع بالقوة دلت على أفعال معينة تنقض الأصول، أو تكثر لتكون فسادا في الأرض، ولا بد حينئذ أن يكون الغالب عدم إقامة المصالح العامة ودرء المفاسد العامة.

وقولنا «أفعال معينة»، أي: ما ذكر في النص، وهي: استئثار سياسي (٣)، أو منكرات شرعية،


(١) - أخرجه مسلم برقم ٤٨٨٨ من حديث سلمة بن يزيد الجعفي أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه. ثم سأله: فأعرض عنه. ثم سأله في الثانية أو في الثالثة، فجذبه الأشعث بن قيس وقال «اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم».
(٢) - تقدم تخريجه.
(٣) - لحديث «سترون بعدي أثرة».

<<  <  ج: ص:  >  >>