للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى الدولة دعم وسائل المعيشة للشرائح محدودة الدخل، من البساطين، والتجارات البسيطة التي هي مصدر عيش لا مصدر إثراء، فيعفون عن كثير من الجبايات الرسمية بما يدعمهم ولا يضر بالمال العام.

ويُحْمَون وجوبا من أكلة السحت من النافذين الذين يظلمونهم ويبتزونهم بمسميات عديدة وتبريرات خاطئة.

مما يؤدي إلى تعطيل كثير من مصادر الدخل للأسر الفقيرة، وينعكس ذلك تدريجيا على وجود نشاطات مختلفة كانت مرتبطة تكامليا بتواجد هؤلاء بكثرة في سوق العمل؛ لأن سوق العمل دائرة متكاملة إذا انفرطت أثرت في دورات المال (١).

- ولذلك بيَّن عمر منبها: أن انعدام مصدر لدعم الأسر الفقيرة يحمل رب البيت على الخروج مع أهله في مظهر شعبي إلى باب عمرَ، مرابطين سائلين ضرورات العيش.

- ويجب عليه حينئذ التجاوب بالإنفاق النقدي من خزينة الدولة.

ويكلف الدولة تكاليف كثيرة أشد من دعم الأسرة الفقيرة بوسيلة إنتاج، وهذا هو تعليل عمر الاقتصادي «فإنفاق الماء والكلأ أهون من إنفاق الذهب والورق».

[دعم الضرورات المعيشية]

ومما يشرع قياسا على هذا: دعم الضروريات المعيشية، وما ينزل منزلتها من الحاجيات فيدعم من المال العام سعر القمح، والخبر، والسكر، والمشتقات النفطية، والغاز تسهيلاً على الأكثرية الغالبة من الشعب من محدودي الدخل؛ لأن الحكم للأغلب (٢).


(١) - قولنا «دورات المال» يوضحه أنه عند اختفاء التجارات البسيطة لمصادر عيش آلاف الأسر، يؤدي ذلك إلى ضعف تدريجي في نشاطات كثيرة، كسائقي وسائل النقل، والمطاعم، والبوفيات، وفنادق الراحة التي كانت مجاورة للسوق، ويؤدي بالتالي إلى كساد في سوق التجارة الاستثمارية الوسطى؛ لعدم وجود سوق لتصريف ذلك من المحلات والبسطات؛ لاختفائها نتيجة تعسير الدولة، ويؤدي إلى ضعف حركة سوق البناء لأصحاب العقار؛ لقلة الدخل ونقص حركة الاستيراد والتصدير، وعزوف مجيء الاستثمار الخارجي، وكثرة البطالة والفقر بتوسع مطرد، وظهور الفساد، والرشوات، والعصابات، وطبقة عصابية حاكمة، وينتهي هذا الوضع ولا بد بثورة على الحاكم سلمية على أحسن الأحوال، أو مسلحة -لا سمح الله.
(٢) - حتى لا يقال هناك شرائح غنية في الشعب فكيف تدعم؟ فالجواب أن الاعتبار للأغلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>