للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعم مهن أصحاب الدخل المحدود والشرائح الفقيرة من المال العام، ومنع كبار الملاك:

ويشرع الدعم من المال العام لمهن الشرائح الفقيرة ومصادر دخلهم فلا يعاملون معاملة أصحاب رؤوس الأموال.

وقد جاء في البخاري عن عمَر سنُّ ذلك، واتباع الراشدين خاصة في سننهم العامة التي تتعلق بها المصالح أمر شرعي، وهذه مصلحة عامة مستمرة تعتبر من أصول السياسات الإصلاحية في توزيع الثروة، ومكافحة الفقر، ودعم مصادر الدخل للشرائح المحتاجة.

فقد جعل عمر منطقة حصرية لنمو أنعام الأسر الفقيرة، ومنع رؤوس الأموال من ذلك، ونص عليهم بأسمائهم.

فقال عمر لهني كمسئول عن ذلك: «يا هني أدْخِل ربَّ الصُريمة وربَّ الغُنيمة، وإياي: ونعم ابن عوف وابن عفان، فإنهما لو هلكت ماشيتهما، رجعا إلى نخل وزرع، وإن رب الصريمة ورب الغنيمة لو هلكت ماشيته جاء بأهله على بابي: يقول: أي عمر أطعم بنيَّ. أفتاركهم أنا لا أبا لك! ! فإن الماء والكلأ أهون علي من الذهب والورق» (١).

ورب الصُريمة: أي صاحب القطعة القليلة من الماشية.

ورب الغُنيمة: أي صاحب الغنم القليلة.

وفي هذا القانون من مسائل الفقه السياسي الاقتصادي أصول وقواعد، فمنها:

- اهتمام الحاكم بالأوضاع المعيشية في الشعب وتمام معرفتها؛ لأنها وسيلة إلى معالجتها التي هي جزء كبير من مسئوليات الحاكم.

- ومنها: دعم الدولة للمشاريع الإنتاجية ومصادر الدخل للشرائح الفقيرة كما دعم عمر مصادر الدخل المعيشي لتلك الشريحة المحتاجة والمتمثلة في الماشية، فخصص لها من أرض الدولة الخصبة مكانا للنمو، مع إصدار أوامر صريحة بأرباب الأموال لمنعهم من ذلك.

وعلل ذلك بوجود بدائل تغنيهم، بخلاف الشرائح الفقيرة وهم كثير.


(١) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>