للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجماعة والنسب والنسل وسائر القواطع الشرعية، فإذا لم يُقِمْ هذه الأمور أو أغلبها أو بعض الأصول، فلا طاعة له.

[المسألة الرابعة]

يجوز العصيان المدني الشامل لنظام أهلك الشعب، لما أخرجه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «هلاك أمتي على يد أغيلمة سفهاء من قريش. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: اعتزلوهم أو لو أن الناس اعتزلوهم» (١).

وإهلاك الشعب علة مقتضية لحكم هو الاعتزال الشعبي العام للحاكم ونظامه وسفهه.

ولفظ الإهلاك يدل على عظيم الفساد في الأرض، وإهلاك الحرث والنسل وسفك الدماء، ويعم الإفقار والخوف والبطالة وتعطيل كثير من المصالح وتولية الفاسدين على رقاب الخلق.

فإذا حصل هذا ترتب عليه: أن للشعب اعتزال النظام الفاسد وحكامه، وهذا إجراء سلمي شعبي لم يصل إليه العالم إلا في القرن الحادي والعشرين في عصرنا هذا، في القرن الرابع عشر الهجري.

وإجراءات الاعتزال الشعبي السلمي للحاكم الفاسد وولاته ونظامه التي أمر بها الشرع هي طريق لا شك موصلة إلى أحد أمرين: إما إسقاط الحاكم ونظامه الإهلاكي الفاسد وتغييره، أو إلزام الحاكم بالإصلاح في الأرض وعزل المفسدين والعمل بالمصالح ودفع المفاسد.

وكلاهما مقصود شرعا، فإما العدل وإما العزل.

وإنما قال في النص «لو أن الناس اعتزلوهم» (٢). بحرف «لو» ليدل على أمور هامة منها: أن لو تقتضي جوابا؛ فيكون «لو أن الناس اعتزلوهم» لقُضِيَ على الفساد.

ومنها: جعل الأمر بالخيار الشعبي بحسب تقديراته المصلحية؛ فلو أنه أمرهم لوجب، فجعل هذا خيارا لا أمرا.

وترك النص تفسير الهلاك؛ لأن تقدير بلوغ الوضع إلى درجة الهلاك للشعب يعرفه


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>