للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الروم حتى كانت دولته قد قويت وأمِن من العدو الداخلي.

[شروط القتال في سبيل الله]

ورأس شروط القتال في سبيل الله أمران:

الأول: بذل غاية الاستطاعة في إعداد القوة العامة، وهي أربعة أمور: القوة البشرية، وجمع الكلمة، والقوة المالية، والقوة التدريبية. وهذه الأربع خاصة بالقتال بخلاف ما سبق من الإعداد العام مما ذكرناه آنفا.

الثاني: بذل غاية الاستطاعة في الإعداد الحربي والتسليح؛ فتكون الشروط تفصيلا خمسة: الأربعة المذكورة، والتسليح.

وتكون الشروط إجمالا شرطين: القوة العامة، والقوة الحربية.

ودليل هذين الشرطين قوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال: ٦٠).

فالقوة العامة (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ)، وهذا عموم. فيشمل ما هو عام بالأمة ونهضتها على وجه عام وما هو متعلق بالقتال، وهو ينقسم كذلك إلى عام وخاص، فالقوة العامة أربعة أمور، والخاصة هي القوة الحربية.

والقوة الحربية: معطوفة عليها (وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ).

وإنما قلنا «غاية الاستطاعة»؛ لأن الآية تدل على ذلك بـ «ما» المصدرية المنسبكة مع المصدر الدالة على غاية الاستطاعة.

ورباط الخيل: هو كناية عن القوة الحربية، وهو كقول العرب فلان له أياد بيضاء، أي عطاءات، ومنه قوله تعالى (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) (الإسراء: ٢٩).

وهذا كناية عن الإسراف والإقتار، ومن ظن آية رباط الخيل على ظاهرها أشكل عليه أن القوة في هذا العصر مختلفة.

وجوابه أنها كنايةٌ عربية بليغة معروفة عند العرب دالة على البأس والإعداد الحربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>