للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى هذه العلة أمني؛ لأن وجود بيوت وسكان في أماكن معينة على الطرق والمداخل يؤمن الخطوط، والمارة، والمسافرين، ويدفع مفاسد كثيرة في هذا الشأن.

فإن كان انتقالهم لضرورة كحصول جفاف، أو جوع، أو خوف من مداهمة سيل أو عصابات فساد في الأرض في مكان ناءٍ، ولا يمكن لأهل البيوت دفعهم، ولا يوجد من يؤمنهم منهم، أو ينجدهم في حال مداهمة، أو نحو ذلك من الضرورات والحاجيات، فإنه لا مانع من انتقالهم فرادى أو جماعات، وقد يجب (١).

والنزوح الطارئ كالحاصل للمدنيين في الحروب من نساء وأطفال ونحوهم لا مانع منه، ولو كان في الحرب مع الكفار، ولا يُعَدُّ فرارا من الزحف؛ لأن الفرار الممنوع هو الفرار في حالة اللقاء بين الفريقين أهل القتال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ) (الأنفال: ١٥). والمدنيون من النساء والأطفال والعجزة ليسوا كذلك؛ لاستثنائهم من وجوب المواجهة.

- بعد السكن عن أماكن الأضرار والأقذار والكيماويات وخطوط الضغط العالي:

ويختار في السكن كونه بعيدا عن الأماكن التي يغلب فيها النجاسة والأقذار كمصبات المجاري ومقالب القمامات العامة، كونها مواطن الشياطين.

ولذلك تُبْعَدُ عن المساكن، وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا ذهب المذهب أبعد حتى لا يشم له ريح ولا يسمع له صوت (٢)، وكان يستعيذ من الخبث والخبائث (٣)، وامتنع صلى الله عليه وسلم من الصلاة في واد فيه شيطان (٤)، كما في الحديث، وأمرهم فزايلوه مع تأخرهم عن وقت إمكان أداء الصلاة.

ومعلوم بالنصوص أن هذه الأماكن مواطن للشياطين.


(١) - وذلك كالفرار بالدين أو العرض والنفس والمال من المتلفات غالبة التحقق.
(٢) - أخرجه الإمام أبو داود برقم ١ من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب المذهب أبعد. قلت: وسنده حسن. وقال الترمذي حسن صحيح.
(٣) - الحديث في الصحيحين (البخاري برقم ١٤٢، ومسلم برقم ٨٥٧) واللفظ للبخاري من حديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.
(٤) - قولنا «وامتنع عن الصلاة في واد فيه شيطان» أخرجه مالك في الموطأ برقم ٢٦. والقصة في الصحيحين بدون ذكر ذلك (البخاري برقم ٣٤٤، ومسلم برقم ١٥٩٥) من حديث عمران بن حصين.

<<  <  ج: ص:  >  >>