للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحرم استعمال كل ما يؤدي إلى إهلاك الأنفس من السموم والأسلحة البيولوجية والجرثومية والنووية.

ومن اخترع هذه الأسلحة فهو آثم؛ لأنه سن سنة سيئة عامة للفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل.

وإذا اتفقت جميع دول العالم بلا استثناء الدول الكبرى أو غيرها على إتلافها والتخلص منها وعدم صناعتها وجب الالتزام بذلك على أهل الإسلام وغيرهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) (البقرة: ٢٠٨) فإن كان انتقاء فلا يلزم.

والتصريح لدول محدودة ومنع غيرها سياسة إجرامية مصنفة في الجرائم الكبرى في الأرض؛ لأنها وسيلة له، ووسيلة إلى العلو والهيمنة لجانب، والاضطهاد والإذلال والاستضعاف لجانب آخر، وهي سياسة الفساد والمفسدين (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: ٤).

[المساواة العادلة واختصاصات المجتمعات الإنسانية]

المساواة العادلة في الحقوق والواجبات والحريات من مقصودات الشرع؛ لعموم (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: ٩٠)، وهذا منه (١).

وكل إنسان مضبوط بمجتمع الإنسان، ولكل مجتمع وشعب وأمة حقوق لا يمكن تجاوزها، وكلها تدور على حق حفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض، والجماعة، والدولة.


(١) - وقلنا «العادلة» لأنه قيد هام جدا ضابط لأمور كثيرة، فمن أراد الترشح لرئاسة دولة بلا كفاءة ولا شروط توافق عليها الشعب في نصوص العقد الدستوري؛ فلا يحق له الترشح بمسمى حقوق الإنسان، فالدول الكبرى وغيرها تشترط أن يكون مواطنا يحمل جنسيتها، معتنقا لدينها، وهذا شرط تطبقه كافة الدول ويزيد بعضها شروطا على زوجته وأسرته، وهذه الشروط من الأمور السياسية المباحة التي جعلتها الدول من مسائلها السيادية التي تخدم مصالحها العليا ولا تمنع منه الشريعة؛ لأنه شرط يخدم مقتضى العقد، ومقتضى العقد هو المصلحة العامة.
وهكذا يضبط قولنا «المساواة العادلة» في الأمور التي قد يعتبرها البعض من حقوق الإنسان وليست كذلك، لعدم بعض الشروط الصحيحة، وقد جاء أبو ذر يطلب الولاية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له «إنك ضعيف»، فمنعه.
ومن ادعى أنه يحق له استعمال مصطلح حقوق الإنسان وحرياته للإضرار بالآخر فقد جنى على نفسه أولا؛ لأن الغير سيعتدي عليه بنفس الدعوى. ولجاز حينئذ أن يبني شخص في الطريق العام، ولجاز لآخر أن يعتدي على آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>