للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم «زار يهوديا في مرضه» (١).

فدل على أن زيارة المريض حق إنساني أقره الشرع، ولا يخضع لعرف أو يقيد بطائفة.

والنص دال على أن إحياء النفس البشرية والحفاظ عليها مقصد عظيم؛ لأنه عَادَلَ إحياء نفس واحدة بإحياء البشرية جميعا، وهذا غاية الإصلاح، وإتلافَهَا بإتلاف البشرية، وهذا غاية الإفساد.

وحفظها وإحياؤها من المقاصد الكبرى الشرعية التي يجب الحفاظ عليها قطعا ضروريا بالشرع والسنن، وهي حفظ الدين والعقل والمال والعرض والنسل والجماعة والفطرة.

وكل الوسائل الصحية والطبية الخادمة لحفظ النفس واجبة وجوبا كليا؛ لأنها وسائل المقاصد ولا يتم المقصد إلا بها.

فيدخل في هذا صناعة الأدوية، واللقاحات، وحملات التوعية، والمعاينة، والتطعيم، وإنشاء الجامعات ومراكز البحث، وإغاثة المناطق الوبائية، ومنع وسائل المرض ونشر ثقافة الصحة، وإقامة جمعيات ومؤسسات ومنظمات محلية ودولية تعتني بذلك؛ لأنها وسائل لحفظ ضروري وخدمته، فتجب وجوبا كليا بالنظر الكلي المقاصدي.

وتجب وجوبا جزئيا فيما لا يتم حفظ النفس إلا به، استقلالا أو استكمالا، كاللقاحات للأطفال، وإغاثة المناطق الموبوءة والنازحين، وإسعاف المرضى وجرحى الحروب، وإنقاذ الغرقى، وإغاثة أهل الحوادث والكوارث الطبيعية من زلازل وأعاصير وجفاف وفيضانات ومجاعات.

وكذا إنقاذ ما تخلفه الحوادث في وسائل المواصلات والنقل الجوي والبحري والبري بأنواعه، وإغاثة النازحين من الحروب والصراعات والكوارث، وما إلى ذلك.

فهذه مطلوبة شرعا كونها من وسائل حفظ النفس. وهو حق إنساني مشترك عام، ومن الإحسان العام (وَأَحْسِنُوَا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: ١٩٥).

ومن إحياء النفس المقصود بالنصوص (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة: ٣٢).


(١) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>