للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثاني عشر: الحق العام والحق السيادي]

وأما الحقوق العامة للدولة، أو الحقوق السيادية، فالقاعدة فيها أن الدولة تتصرف فيه بما يخدم عامة الشعب، وما جرى العرف الرسمي الدولي والمحلي على المعاوضة عليه جاز كحقوق الأجواء والمياه الإقليمية وحق المرور من أرض الدولة، وحق المضايق والمعابر ونحو هذا.

فإنها حقوق سيادية كبرى تجري فيها معاملة العرف الدولي بسعر المثل، ويحرم دونه؛ لأنه خلاف النظر إلا ما يتسامح فيه ولا يعد إضرارا.

ويحرم التنازل عن أي حق من ذلك بلا عوض إلا فيما جرى العرف الإنساني والدولي عليه، كنقل الإغاثات وموادها والحملات الإنسانية.

وكل حق عام صحيح يتعلق به مال، فإن استغلاله للمصلحة العامة من مقتضيات عقد الولاية الواجب الوفاء (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١).

ويحرم التفريط المضر بما لا يتسامح في مثله، ويضمن مرتكبه بحسبه.

[الثالث عشر: حق انتزاع الملكية]

وانتزاع الملكية الشخصية للمصلحة العامة بتعويض عادل مع شدة الحاجة له وعدم البديل جائز؛ لأن المصلحة العامة مقدمة على الخاصة، ولإمكان التعويض عن المصلحة الخاصة بما يدفع الضرر فجاز.

وقلنا «بتعويض عادل»؛ لأنه إن خرج عن العدل حرم انتزاع الملكية؛ لأن الله حرم أكل أموال الناس بالباطل، وأجاز تجارة مرضية، وهذه ليست كذلك.

وقولنا «مع شدة الحاجة العامة» شرط، فإن لم تشتد الحاجة حرم انتزاع الملكية الشخصية؛ لأنه عدوان وضرر (وَلاَ تَعْتَدُوا) (البقرة: ١٩٠)، (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: ٢).

وقولنا «وعدم البديل» شرط؛ لأنه إن وجد بديل حرم الإضرار به، إذ لا ضرورة ملجئة له، والمحضورات إنما تبيحها الضرورات، ولا ضرورة هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>