للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حق السكن لكل إنسان]

ولكل إنسان حق السكن بتملك أو إيجار أو تبرع، فإن لم يجد شيئا من ذلك وجب دفع الضرر عنه بإيوائه.

وهو واجب فرضي كفائي على الناس والدول.

والأصل -أولا- وجوبه على الحكومات والسلطات؛ لأنها قائمة على التصرف في الناس بالمصالح العامة من المال العام، وهذه المصلحة من أهمها.

والبشرية كلها مكلفة بحقوق الإنسان: وقولنا «على الناس»: يعم المسلم والكافر؛ لأن الله أمر الجميع بذلك وهم عبيده وعليهم طاعته، ولورود الذم على الكفار في عدم الإطعام والرفق بالشرائح الضعيفة (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ* وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) (الماعون: ١ - ٣)، فحرم الله التكذيب بالدين كما حرم معه في سياق ونص وموضع واحد عدم التعامل بإنسانية مع الإنسان في حاجاته الإنسانية، فاليتيم بحاجة إلى الرفق لا الدفع والإغلاظ، والمسكين بحاجة إلى سد جوعه وحاجته.

وقال عن أهل النار من الكفار (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) (المدثر: ٤٢ - ٤٦)، فدل على تكليف الإنسانية جميعا بحقوق الإنسان على العموم؛ لأنه سئل عن كفره وعذب به، وسئل عن تركه إطعام المساكين وعذب به.

وقال تعالى (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ) (النحل: ٨٨).

وزيادة العذاب فوق عذاب الكفر؛ لتركهم الإصلاح في الأرض دليلٌ على التكليف به على وجه عام للبشرية، ومن أهم الإصلاحات رعاية حقوق الإنسان الضرورية والحاجية والتكريمية.

وأمر الله الناس جميعا المسلم والكافر بالإغاثة العامة للإنسان حال الكوارث الإنسانية كالمجاعات (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ* ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (البلد: ١١ - ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>