للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيادتها ومصالحها واستقلالها، وهذه مفاسد كبرى معتبرة فرض دفعها.

ولا يجوز للدولة المسلمة الإذن بدخول أي قوات مشتركة لحفظ السلام أو التحالف أو غير ذلك على أراضيها، فإن اضطرت في مرحلة الاستضعاف وأمن من مفاسد هذه القوات على أراضيها، فالاضطرار باطل والحكم باق على التحريم.

وفرض على الدولة تقوية نفسها ومنع تواجد قوات أجنبية غير مسلمة على أراضيها، ودعوى اشتراط أمن مفاسد هذه القوات موهومة؛ لأنه لا أمن مع اضطرار وضعف.

فإن استؤجرت قوات غير مسلمة لدفع عدوان دولة كافرة جاز، لاختيار أهون الشرين ودفع أعظم المفسدين، خاصة إن كانت الدولة المستأجرة مسالمة بشرط أمن حالاً ومآلاً واضطراراً.

فإن كان لدفع عدوان دولة مسلمة فهو محرم، ووجب على المسلمين دفع ذلك بالمصالحة لعموم (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) (الحجرات: ٩)، فإن تخاذل المسلمون وضعت المسألة على الفقهاء حينئذ لتقديرها.

وما قررناه في الفقه الوظيفي من دخول جندي مسلم في قوات حفظ السلام على أرض الدولة المسلمة هو في مرحلة الاستضعاف للدولة وإجبارها على ذلك، واجتياح أراضيها بالقوة المسلحة عند رفضها دخول قوات حفظ السلام أراضيها، فحينئذ دخول مسلم فيها أولى من تمحضها للكفرة، وإن استُطِيعَ تمحضها من مسلمين فواجب، أو غلبة عدد من الجنود المسلمين فيها؛ فكذلك؛ فليتنبه لظروف وشروط كل واقعة حتى لا يضطرب ذهن قارئ لم يتنبه لفوارق المسائل وشروطها الحالية والمآلية والواقع والمتوقع المصلحي، فيظنَّ تناقضا وليس كذلك.

[لا تسقط الصلاة على الجندي في أمن ولا خوف، ورخص العبادات]

وإذا كان الموقع العسكري بعيدا عن الماء واحتاجوا ما لديهم لشرب جاز لهم التيمم للصلاة (١)، للحدث الأصغر والأكبر وهو الجنابة.


(١) - قد بينا ذلك في كتابنا فقه المقاتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>