عقد على عمل من طرف ومال من آخر، وهو جائز بلا خلاف، وأخذ اسمه من (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ)(المزمل: ٢٠)، وأصله (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)(النساء: ٢٩)؛ لأنه عقد تجاري استثماري. وركنه التراضي والأهلية والإبرام.
أما الأهلية من العاقدين فلأنه لا تصرف إلا برشد مالي، وهو البلوغ والرشد والعقل (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)(النساء: ٦). فشرط مع البلوغ الرشد لدفع مال اليتيم إليه؛ وللنص (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً)(النساء: ٥).
وقولنا «الإبرام» ليشمل سائر صور التوثيق من صيغة وكتابة وشهادة.
وكذا اعتماد جهة معتمدةٍ؛ لأن هذا ما تقتضيه العقود في السوق التجاري الآن، ويسقط بعض هذه بحسب العادة التجارية.
[والمضاربة تكون في الأنواع الخمسة من المال.]
فهي في الأسهم بأن يدفع طرف لآخر أسهما للمضاربة بها بيعاً وشراء على ما يتفقان من المدة، ومقدار الربح، ونوع الأسهم المضارب فيها.
ويجوز شراء أسهم من بنك أو شركة وجعله مضاربا فيها بشروط الربح والخسارة.
ورأس المال إن كان نقدا -وهو الأصل- إن شرط عليه أن يشري به سلعا بعينها لزمه، ولا يجوز له المخالفة؛ فإن خالف فخسر ضمن؛ لأنه لم يوف بالعقد (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة: ١)، ولأنه على غير المعقود، فكان تصرفا من نوع الاعتداء والبغي، فبطل.
ويضرب مدةً للعقد، يوزع آخرها الربح، ولهما ألا يوقتا، لأن هذه الشروط ترجع إلى العقد بالإصلاح؛ فلم تمنع، وتكون جزءا من العقد الواجب الوفاء به (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة: ١). ولا دليل يدل على أن المضاربة لا تصح إلا على عدم التوقيت، ولأن ما علل به من ذهب إلى المنع غير وارد الآن في المعاملات المعاصرة لقيامها على الدراسات الدقيقة والأنظمة واللوائح التي يندر معها ذلك.