للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْحَة (أ)

تحت أي ظرف، هز جذع الحياة.

هذه امرأة صالحة في ربوة في حالة ولادة يدفعها المخاض إلى جذع نخلة (فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ) (مريم: ٢٣)، يعنى دفعها وألجأها.

هي تحتاج إلى غذاء للوضع ... لم يرسل لها جبريل ليهز لها النخلة أو يعطيها رزقاً من الجنة كما كان وهي في المحراب وهي الآن في نظرنا أحوج إلى ذلك من ذي قبل إلا أن الأمر الإلهي أن كلمها ولدها من تحتها وهو عيسى بن مريم المولود اللحظة (أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) (مريم: ٢٤) أي جدول ماء (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) (مريم: ٢٥) مع أن جذع النخلة لا يهزه الرجل الفتي مفتول العضلات ... كيف بامرأة في حالة ولادة .. ! ! إلا أنه اتخاذ سبب والنتائج من عند الله تعالى.

إنه تعليم لنا أن نهز جذع الحياة حتى تساقط علينا رطباً ولو كان ذلك -في نظرنا- لا يؤثر؛ لضعفه إلا أن الله هو من يتولى البسط ويتولى العطاء.

هذه دعوة إلى العمل أمام أكبر الصعوبات .. في أقسى المتغيرات، دعوة لنا جميعاً أن لا نحبط أو نيأس .. أن لا نرى شيئاً بعيد المنال؛ لأنه يجب علينا العمل السببي فحسب.

إن الوضع الاقتصادي حتى لو بلغ درجة التعذر وجاعت بطون كثيرة، وفي ظل هذا الإزراء قد يولد الإحباط في نفوس، إلا أن هذا ليس هو ما شرعه الله للإنقاذ.

إن المحبط سيهلك نفسه، ويدمرها ومستقبله ومستقبل ولده، قد يكون من النوابغ فيفقد ذلك النبوغ والإبداع، لأنه لم يصمد أمام هذه الظروف الحالكة، بل استسلم للإحباط ..

فإياك أن تحطم أحلامك وآمالك لصعوبات قد تكون قاسية فعلاً .. إنك مأمور معلم أن تتسبب ولو أمام أعتى وأقسى ما قد تواجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>