وللمجتمع كامل الحرية السياسية في مناقشة القضايا السياسية العامة العالمية، والخاصة الداخلية، وكل ذلك كان يقع زمن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل.
وكانوا يتحدثون عن كافة الأمور ومنها السياسية، وتُنَاقش التحركات، ويؤتى بأخبار الملوك، والغزوات، والسرايا، والجيوش، والعزل، والتعيين.
ولم يُنْهَ عن ذلك في زمن التشريع، ولا في زمن الراشدين؛ فدل على الحرية السياسية المجتمعية والشعبية.
وقد قال الخليفة الأول:«إن أسأت فقوموني، وإن أحسنت فأعينوني»(١)، وهذا عين السلطة المجتمعية السياسية.
والتوعية السياسية في الندوات، واللقاءات، والخطابات، والخطب جائزة؛ بل قد تجب إن كانت للتداعي لنصرة المظلوم وحمايته، وكف المفاسد والظلم.
وهذا في الأمور العامة المعلومة على الوجه العام، أما الأمور غير المعلومة إلا على وجه خاص، والتي يؤدي نشرها إلى الضرر البالغ بالمجتمع والأمة؛ فلا تنشر إلا في إطار ضيق للمعالجة عبر الطرق والجهات المسئولة، وعلى هذا يدل عموم قوله تعالى (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً)(النساء: ٨٣).
وهذا الأمن في النص هو اللازم توفره شرعا في المجتمع، وهو مكون من الأمن الغذائي والأمن القومي؛ لأنه من ضروريات العيش.
وقد أمر الله الناس بعبادته سبحانه مع استحقاقه للعبادة بلا علة؛ إلا أنه علل ذلك في سياق المنة على عباده بتوفير الأمن الغذائي والأمن القومي، مما يدل على أنهما من أعظم النعم الإلهية الربانية على العباد.