للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك اختبر الله بها عباده المهاجرين الأولين، وألزمهم بها نصرة لدولته ورسالته ثم نسخت إلى يوم القيامة بالنص الصحيح الصريح المجمع على العمل به.

فالأصل الإباحة الأصلية العامة زمانا ومكانا، وأشخاصا في العمل في أي مكان على وجه الأرض.

ويجوز لمسلم أن يلي ولاية للكفار في بلادهم تعود بالنفع الإنساني عليهم، لفعل يوسف الصديق، وله أن يقدم الاستشارات والخبرات في وظيفته، وأن يقوم فيها بالعدل والقسط والإحسان والأمانة؛ لعموم الأدلة في ذلك ولم يخصصها دليل إلا أن يعمل لحربيين ما يقويهم على ضرر الإسلام فيحرم.

ولأن يوسف تولى ولاية عامة للكفار وهو من الرسل، ولم يخصص ذلك دليل.

بل ساقه الله مساق المدح والامتنان عليه وسماه تمكينا ورحمة (وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء) (يوسف: ٥٦).

فمن تولى ولاية عامة أو غيرها في بلاد المسلمين أو غير المسلمين فهو تمكين ورفعة ورحمة.

[وظيفة المسلم في القوات المسلحة غير المسلمة]

ويجوز الوظيفة في القوات المسلحة في غير بلاد المسلمين بشرط أن لا تكون حربية على المسلمين تحالف عدوهم، وتحميه أو تظاهر عليهم في قراراتها، أو تشارك في احتلال بلادهم؛ لأنه حينئذ تعاون على العدوان على المسلمين (وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ) (المائدة: ٢).

فإن كانت كدولة النجاشي الملك العادل جاز، ولا يقال ثبت إسلامه؛ لأنه ولو كان مسلما كان حاكما لدولة نصرانية.

ويرجح المنع أن وظيفة الجيش والأمن في أي دولة هو حماية الدولة ونظامها ودستورها وقوانينها ومعلوم أنها تقوم في دستورها وقوانينها على حكم الطاغوت المأمور بالكفر به فوظيفة المسلم في القوات المسلحة غير المسلمة مناقض لهذا الأصل؛ لأنه حماية للطاغوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>