للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الكفاية المالية العادلة للمعلم:

وأما الكفاية المالية العادلة للمعلم؛ فلأن وظيفته هي عقد إجارة، وعقد الإجارة عقد معاوضة محضة.

وقاعدة عقود المعاوضات المنع من الغبن الفاحش؛ لأنه من الظلم، ومن أكل أموال الناس بالباطل، وهو منصوص على حرمته.

والغبن الفاحش هو: دفع العوض غير العادل بنقص كثير لا يتسامح الناس فيه غالباً.

وراتب المعلم العادل هو: القائم على ضروريات حياته، وحاجياته، وتحسينياتٍ حافظة لمروءته. وإنما قلنا «تحسينات حافظة لمروءته»؛ لأن ما حفظ المروءة من التحسينات له حكم الحاجيات (١).

وعلى هذا فالراتب العادل يكون كافيا له ولأسرته، مأكلا ومشربا وملبسا وسكنا -ولو بإيجار- وعلاجا اعتياديا (٢)، ومواصلاته، وفواتير الخدمات من كهرباء وماء، فهذه ضروريات وحاجيات.

[ومن التحسينيات القائمة مقام الحاجيات له]

كفاية راتبه لاتصالاته المعتادة، ولياقة ملبس بتوسطٍ له ولأسرته، وتوسط في أثاث، وإكرام ضيف، وصلة رحم بهدية، أو مال في مناسبات جرت العادة عليه كنحو عيد.

وقلنا «بهدية» أو «مال»؛ لأن الصلة بالزيارة مستمرة طوال العام بما جرت به العادات، ويرفع به قطع الرحم.

فالراتب العادل: قائم بذلك على وجه التوسط العرفي.

ولما كان المعلم وغيره من موظفي الدولة يبذل ثلث عمره في دوام رسمي بمعدل ثمان ساعات يومياً، في مقر عمله ست ساعات، وساعة سابقة وأخرى لاحقة في الغالب للوصول


(١) - هذه قاعدة هامة مقاصدية فتح الله بها، وهي «التحسينات الحافظة للمروءة لها حكم الحاجيات»، وهذه القاعدة تضم إلى قاعدة العلماء المشهورة «الحاجيات لها حكم الضروريات»، وإنما قيدنا التحسينات بهذا القيد؛ لأنها واسعة ويتعذر إن أطلقنا كفاية الراتب لها، فلزم هذا القيد.
(٢) - قلنا ذلك احترازا من عدم كفايته للحالات غير العادية، المزمنة والمستعصية ..

<<  <  ج: ص:  >  >>