للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه حال الخسارة من رأس المال يتحملها المستثمرون في البنك ويتحمل البنك المضارب خسارة أرباح كانت متوقعة، فخسارة المستثمرين في محقق وهو رأس مالهم، وفي متوقع وهو الربح، وخسارة البنك المضارب في متوقع وهو الربح.

فوجب حينئذ غاية النظر، والدراسة للمشاريع وجدواها؛ لأن ذلك أدفع لمفسدة الضرر الفاحش على الأموال، ووجب ما لا يتم إلا بها استقلالا أو استكمالا، من رقابة، ومتابعة، وتقويم، ومحاسبة؛ ولأن الشرع إنما حجر على السفيه ومنع إعطاءه المال نظراً لعدم نظره المالي الراشد (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) (النساء: ٥).

فإذا تصرف البنك في مشروع بلا دراسة كافية للجدوى فهو محجور عليه الدخول فيها لغلبة المخاطرة.

ولأنه لم يتصرف تصرف المصلحة، وهو عين ما حجر على السفيه به.

- التمويل الجزئي:

وإن مول البنك جزءا من العملية وطالبُ التمويل جزءا، فالبنك مضارب بجزئه ويقسم الربح أولا بين المالين، فيأخذ المضارب نسبته من الربح الكلي بحسب ماله، وبقية الربح الخاصة بمال البنك يأخذ نسبته بحسب الاتفاق بينه وبين البنك. إذ العقد مع البنك على المضاربة بمال البنك ولا شأن للبنك بالمال الآخر ممن كان، سواء من المضارب طالب التمويل أو من غيره.

فلا يتعلق الوجوب الشرعي في الوفاء له إلا بالعقد في ماله بقدره.

وعقد المضاربة تحكمه أصول كبرى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) (البقرة: ٢٧٥)، (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: ٢٩).

وخلوه من الموانع الخمسة التي استقرأناها بالحصر وهي: الربا المنصوص، والسلعة المحرمة بالنص، والميسر ومنه القمار والتغرير، واختلال الرضا، وترتب الضرر العام على العقد.

فما كان وفق هذه من المضاربات التجارية فهو صحيح، ومن ادعى شروطا، أو أركانا، أو موانع في الثمن والسلع، أو الصيغ، أو التوثيق، أو العاقدين خارجة عن هذه فقد جاء بما لا حجة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>