للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقدار الراتب يحدد بعدل، والعدل هنا ما يكفي حاجاته وضرورياته بتوسط، وهو عادة وشرعا ما وافق أمثاله في الوظيفة، فإن كان الراتب زهيدا لا يكفي ضرورياته وحاجياته فإن هذا عقد بغبن فاحش، وهو محرم، ولا يقال هو بالخيار لأن الوظيفة العامة الغالب عليها الآن الاضطرار للقبول مع الضرورة والضرر، وهذا ليس من العدل والإحسان والإكرام (١).

ويجب العدل في الترقيات للمستحق.

ويعطى الموظف حقه من الإجازات، والعلاوات، والترقيات، والمساعدات، والقروض، والعلاجات، والبعثات أسوة بأمثاله وهذا مما أمر الله به في عموم (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: ٩٠).

[تسهيل الوصول إلى مسئولي العمل]

ولا يجوز احتجاب المسئول عن الناس، وتعسير الوصول إليه لقوله صلى الله عليه وسلم: «من احتجب عن رعيته احتجب الله عن حاجته يوم القيامة» (٢).

ولأنه يؤدي إلى خلاف مقصود الولاية، وما خالف مقصود الولاية حَرُم.


(١) - تكلمنا عن موضوع الراتب والعدل فيه والتأصيل الفقهي لذلك في عدة مواضع من كتابنا، كفقه «التربية والتعليم» وفقه «المؤسسة العسكرية» وغيرهما.
(٢) - الحديث أخرجه أبو داود برقم ٢٩٥٠ عن ابن أبي مريم أن القاسم بن مخيمرة أخبره أن أبا مريم الأزدى أخبره قال دخلت على معاوية فقال ما أنعمنا بك أبا فلان. وهي كلمة تقولها العرب فقلت حديثا سمعته أخبرك به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من ولاه الله عزوجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره». قال فجعل رجلا على حوائج الناس.

قلت: هذا الحديث من الأحاديث السياسية وهو حديث صحيح رجاله كلهم ثقات وسليمان بن عبدالرحمن الدمشقي شيخ أبي داود وإن كان قيل فيه أنه صدوق كما قال النسائي وابن حجر، فقد قال الدارقطني والذهبي والفسوي وابن معين وأبو داود أنه ثقة. وله شاهد من حديث معاذ عند أحمد برقم ٢٢١٢٩، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من ولي من أمر الناس شيئا فاحتجب عن أولى الضعفة والحاجة احتجب الله عنه يوم القيامة». قلت: وهذا الشاهد سنده لا بأس به أو حسن فيه شريك بن عبدالله القاضي، قال أحمد: صدوق ثقة إذا لم يخالف. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال في التقريب: صدوق يخطئ كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة. وعمدة القول هنا في هذا الحديث هو ما قاله أحمد؛ لأنه وافق الثقات، فحديثه هنا صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>