للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودفع هذه المفاسد بتولي الدولة لمجانية التعليم للناس، خاصة في فروض الكفايات فلا تتم إلا بذلك، فتعينت على الدولة.

ومنعنا من تجارية التعليم الرسمي يفهم منه أن هذه المفسدة لا تكون إلا بفرض رسوم مقصودها التجارة والربح، أما الرسوم الاعتيادية الرمزية التي لا يترتب عليها مشقة على عموم الناس فلا مانع منها.

وأخذ الأجرة على تعليم العلم والقرآن مسألةٌ غير هذه؛ لأن مبحوثها في أخذ الأجرة من المتعلم لا من بيت المال، فمنع الأول وأجيز الآخر، وقد سبق (١).

[سن التعليم والتربية، وحق التعليم للجميع]

وحق التعليم للجميع ذكورا وإناثا؛ لعموم النصوص في شأن العلم، وسن التعليم الدراسي من التمييز والقدرة على التعلم، وأوله أربع، وأوسطه وغالبه ست سنوات، بخلاف التربية؛ فسنها قبل الرابعة بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن إذْ أراد أكل التمر من الصدقة «كخ كخ إنا لا تحل لنا الصدقة» (٢)، وقوله «كخ كخ» زجر يقال للصبي قبل نطقه الكلام.

وجرت العادات على زجر الصبي عن الخطأ وتحذيره من أمور كلمس النار أو الوقوع في حفرة أو أكل ضار، وكل هذا بالأفعال والزجر المناسب تعليما له، ويحصل ذلك قبل نطقه، وتستمر التربية في سائر مراحل الحياة.

وعموم التربية ودوامها؛ لعموم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى.

وهي أوسع معنى من التعليم الدراسي، إذ يقوم بها الأفراد والجماعات والمؤسسات، فالجيش يربي الجندي على الضبط والانضباط والصبر والطاعة والجلد والشجاعة.

وفي الوظائف يُربَّى بالقدوة، أو القوانين على الأمانة وأداء العمل بكماله ومراقبة الله، وفي


(١) - راجع الفقه الوظيفي.
(٢) - قولنا «بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن ... » قلت: هو في الصحيحين (البخاري برقم ١٤٩١، مسلم برقم ٢٥٢٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم كخ كخ -ليطرحها ثم قال- أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>