للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم كما ورد في النص (١).

وإيذاء الملائكة محرم، والسكن هناك إيذاء؛ لأنهم ملازمون لابن آدم.

ولقوله تعالى (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ) (الأعراف: ١٥٧)، أي: أكلا، وشربا، ولبسا، وسكنا؛ لأن حذف المقتضى يدل على العموم في متعلقاته.

وكذا لأن الضرر على صحة الأبدان والعقول غالب عند السكن عند مصبات النجاسة ومقالب المخلفات العامة، وشرط الضرر أن يكون فاحشا، وهذا كذلك، والضرر الغالب واجب دفعه في الشرع.

ويختار في السكن بعده عن مصانع الكيماويات السامة بعدا يغلب معه السلامة.

وكذا عن مراكز الإشعاعات النووية من مصانع ومعامل ونحوها؛ لعظيم ضرر إشعاعاتها.

والبعد عن خطوط الضغط العالي الكهربائي بسبب تأثيراته على صحة الأبدان.

وعلى الدولة القيام بالتخطيط العمراني الذي يراعي ذلك كله، وغيره من المصالح.

وعلى المرء أن يختار سكنه بجوارٍ حسن؛ لاستعاذة النبي صلى الله عليه وسلم من جار السوء في دار المقامة (٢).

- التوسط في البناء والزينة:

والمشروع في بناء البيت التوسط في كل أموره: عمارة، وأثاثا، وزينة؛ لأن قاعدة الشرع التوسط.

والأصل في تزيين البيت الإباحة للنص (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف: ٣٢).


(١) - ورد ذلك في صحيح مسلم برقم ١٢٨٢ من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من أكل من هذه البقلة الثوم -وقال مرة من أكل البصل والثوم والكراث- فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم».
(٢) - قولنا «ويختار سكنه بجوار حسن .. » دليله ما أخرجه النسائي برقم ٥٥٠٢ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام فإن جار البادية يتحول عنك». قلت: سنده صحيح ورجاله رجال الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>