(٢) - فاقتضت المشيئة الإلهية احتياج البشرية بعضها لبعض إجبارا مهما علت درجاتهم المعيشية. فلا بد أن يكون الشخص تسخيرا لآخر يعمل معه ضرورة بالنظر الكلي العام، أو بالنظر الجزئي الخاص حيث يكون شخص موظفاً لآخر؛ فيفرض على ذلك معيشة للآخر بهذا الإجبار، ويفرض على الآخر تقديم ما عنده للآخر إجبارا للتعايش. هذا هو فقه الآية، ومن فهمها على غير هذا الوجه فقد زلت قدم فهمه. فهذا التوزيع التسخيري إجباري على البشرية جميعا؛ ليحتاج بعضهم لبعض.
فالإجبارية المعيشية هي التخصص المعيشي الذي لا يوجد عند الآخر؛ لعلة بقاء الحاجة بين الخلق؛ ليجري بينهم التعامل السلمي طلبا للحاجة المعيشية التي ليست عنده. فبلد توفر الضروريات، وبلد توفر الحاجيات، وبلد توفر الترفيهيات، ولا توجد هذه الثلاثةُ مجموعةً كلها في بلد، بل تحتاج لغيرها في ذلك. وهكذا الشعوب، والقبائل، والأسر، والأشخاص.