للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعادة مأمور بها (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) (الأعراف: ١٩٩) و «العادة محكمة» إحدى القواعد الخمس الكبرى التي تدور عليها الشريعة.

فلا مانع من التفصيل في بعض المسائل، فيضمن المتلف مع التفريط لا مع عدمه فيها.

ولا بد أن يقال بعدم التفريط وعدم التضمين في إتلاف ما يغلب تلفه لقدمه وتهالكه؛ لأن هذا من العدل والإحسان المأمور به شرعا إلا إن ثبت تعدٍّ بإتلاف عمد عدوان، فهذا ضامن.

[الاستعمال الآمن للمال العام]

ويجب في استعمال المال العام أن يستعمل استعمالا آمنا، لا متلفا، ولا مسرعا بتلفه؛ لأن الدين النصيحة، ومنها النصيحة لعامة المسلمين، وحفظ مالهم من ذلك.

فالواجب معاملته في الاستعمال كما يعامل الشخص ماله في الحفظ، وإلا فهو نوع غش محرم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (١).

فيصان دوريا، وينظف من أتربة ضارة وصدأ، ويشترى له قطع الغيار بدلا عن قطعة تالفة أو متهالكة تضر بأمور أخرى لو بقيت، ويصلح ما يمكن إصلاحه.

وبالجملة فكل ما يحب المؤمن لنفسه في ماله، وجب أن يحبه في مال غيره خاصه وعامه، وإن لم يحب لم يكمل إيمانه للنص.

ويجب عليه أن يفعل الحفظ ولو لم يحب ذلك؛ لأنه إن لم يحفظ المال العام، فهو خائن لا يجوز توليته؛ لمخالفته مقصود العقد من وظيفته وعمله الملزمة له بتمام الحفظ شرعا وعرفا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١).

ومن اطلع على مقصر في الحفظ نصحه؛ لأنه من التعاون على البر والتقوى.

ويحرم تبذير المال العام والإسراف فيه (وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا) (النساء: ٦)، (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) (البقرة: ١٨٨).

والنثريات، والعلاوات، والبدلات تكون بما يقوم بالحاجة المرصودة لها، فإن كانت أكثر من ذلك بزيادة فاحشة دخلت في التصرف المفسد للمال العام، فبطلت.


(١) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>