للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مهنة المحاماة]

ومهنة المحاماة جائزة، وهي إجارة إن كان الأجر معلوما، أما إن كان بشرط نجاح القضية فهي إجارة جعالة لا يعطى إلا إن وفى بالشرط.

ولا تجوز المحاماة عمن تبين ظلمه، فإن فعل عصى الله ومحقت بركة عمله، لقوله تعالى (وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا) (النساء: ١٠٥)، وقوله تعالى (وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ) (النساء: ١٠٧).

[الوظيفة العلمية وأخذ الأجرة عليها]

والاستئجار لتعليم العلم والقرآن جائز لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» (١).

والأحاديث التي تنهى عن ذلك هي حوادث عين وردت في تعليم مضطر للتعليم مما تقوم به الصلاة والدين من الفروض فامتنع عن تعليمه إلا بأجر، وهذا ما نراه جمعا بين النصوص (٢).


(١) - قولنا «والاستئجار لتعليم العلم .. » قلت: ما ذكرناه من النص مخرج في صحيح البخاري برقم ٥٧٣٧ عن ابن عباس أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ، أو سليم- فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق إن في الماء رجلا لديغا، أو سليما فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك وقالوا أخذت على كتاب الله أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله».
(٢) - قولنا «وهذا ما نراه جمعا بين النصوص» في المسألة كلام منتشر، ولا بأس أن نذكر شيئا من ذلك، قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري (٦/ ٤٠٥) ط/ الرشد: اختلف العلماء في جواز الأجر على الرقى بكتاب الله وعلى تعليمه، فأجاز ذلك عطاء وأبو قلابة، وهو قول مالك والشافعي وأحمد وأبي ثور، وحجتهم حديث ابن عباس وحديث أبي سعيد. وكره تعليم القرآن بالأجر الزهري، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز على تعليم القرآن أجر. قال الطحاوي: وتجوز الأجرة على الرقى وإن كان يدخل في بعضه القرآن؛ لأنه ليس على الناس أن يرقى بعضهم بعضا، وتعليم الناس بعضهم بعضا القرآن واجب؛ لأن في ذلك التبليغ عن الله إلا أن من علمه أجزأ عن بقيتهم، وذلك كتعليم الصلاة لا يجوز أخذ الأجرة عليه، ولا يجوز على الأذان، واحتجوا بأحاديث ضعاف منها حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به» وبحديث حماد بن سلمة عن أبي جرهم، عن أبي هريرة، ومرة يرويه حماد عن أبي المهزم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما تقول في =

<<  <  ج: ص:  >  >>