للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) (الزخرف: ١٣).

وهذه العلة عامة، حضرا وسفرا، وهي (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ)، فجعل علة الدعاء الاستواء على الظهر لا السفر، وإن كانت العلة وهي الركوب في السفر أكثر قديما، فقد استوى حضرا وسفرا في زمننا.

فتبين أن الاستدلال بفعل النبي صلى الله عليه وسلم على الدعاء سفرا لا حضرا محتمل؛ لأنه كان لا يستوي على راحلته إلا سفرا، ويندر ذلك في الحضر، كما ورد أنه ركب فرسا عريا (١)، لما أحس بخطر حاصل بليل على المدينة، وكذا لما أقبل وهو في المدينة راكبا على حمار فنزل على القوم وسلم ودعاهم إلى الله فقال ابن سلول: «لا تؤذنا في مجالسنا» (٢).

فهذه ونحوها من النوادر التي لا يفهم منها إلغاء أصل الحكم بعلته المنصوصة في الآية.

وعلل الأحكام لا تقيد بالاحتمالات، فتبقى على أصل التشريع حضرا وسفرا.

فيقولها من ركب السيارة، وسائر المراكب؛ لقيامها مقام الرواحل، بل أولى.

وله أن يقول ذلك في المصعد الكهربائي والسلالم الكهربائية، ونحو ذلك قياسا، ويحتمل عدمه، والأول أولى لوجود العلة، وهي (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ).

- السلام والإشارة به للراكب والماشي:

ويشرع الابتداء بالسلام من راكب لماشي، ويجب رده (٣).

وإذا كان خلف الزجاج تلفظ بالسلام وأشار بيده.


(١) - الحديث أخرجه البخاري برقم ٣٠٤٠ عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس قال وقد فزع أهل المدينة ليلة سمعوا صوتا قال فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عري وهو متقلد سيفه فقال لم تراعوا لم تراعوا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجدته بحرا يعني الفرس.
(٢) - تقدم تخريجه.
(٣) - صحيح البخاري برقم (٦٢٣٢) ومسلم برقم (٥٧٧٢)، واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير».

<<  <  ج: ص:  >  >>