للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقه المال العام

[تعريف المال العام]

لا بد من تعريف المال العام قبل ذكر مسائله. وبالنظر إلى مفرداته ومتعلقاته بالاستقراء والتتبع يمكن التعريف للمال العام بأنه: ما لا يملك على الوجه الشخصي، ولا يورث، فكل ما يملكه شخص أو أشخاص فليس مالا عاما.

وقولنا «يملك» احترازا من الوقف؛ فإنه ولو كان لجهة معينة لكنه غير مملوك، فدخل في المال العام؛ ولو كان نفعه لخاصةٍ، مَثَلُه كمثل توزيع المشاريع الخدمية من الدولة على جهات، فإن كل جهة منتفعة لا مالكة.

وقولنا «ما لا يملك» بالمضارع خرج به إحياء الموات فإنه يمكن ملكه بإحيائه.

واختلف في إذن الدولة في الإحياء، والراجح عندي أنه يعتبر في مواضع ويمكن ضبطه بأنه فيما لو لم يحصل الإذن لعمَّ الاختلال والبسط على الأراضي، فإن لم يحصل هذا الفساد فالأصل جوازه؛ ولعدم المانع.

أو يُعَرَّف المال العام: أنه كل ما تجبيه الدولة. ولكنه تعريف ناقص؛ لأن من المال العام ما لا تجبيه الدولة مثل عقارات وأراضي وأصول الدولة.

وإذا قيل: كل ما للدولة جبايته واستثماره، فهو كسابقه، والفارق زيادة «واستثماره».

وهي مختلة؛ لأن الدولة قد تستثمر أموالا مملوكة على جهة المساهمة الشعبية في شركات وأسواق، وتعتبر الدولة مضاربة، لها من الربح النسبة المتفق عليها، أو شريكةً إن ساهمت (١).


(١) - وكل التعاريف التي هي مسطورة في كتابنا هذا هي مستقلة لا مقلدة، ولا منقولة، ولا مهجنة، بل هي فتح خالص من الله ناتج عن بذل الوسع والجهد البالغ الذي استنزف كثيرا من وقتنا وتفكيرنا. والسبب في استقلاليتها، أن الكتاب برمته مقدمة في فقه العصر مما لم نجد، أو نطلع غالبا على أي تعريف له في كتابٍ لفقهائنا الأقدميين يَخُصُّ هذه الأمور المعاصرة التي عرفناها.
ولو نقلنا أو استفدنا من أحد قديما أو حديثا لأثبتناه في الهامش كحق أدبي للأمانة العلمية التي يسألنا عنها الله.
وزدنا إن اقتضى الأمر ذلك بما يناسب متغيرات الواقع.
والسبب الآخر هو أننا أردنا صياغة فقه العصر متكاملا، بما يفهمه أهل العصر ببساطة مع الاستفادة من قواعد علمائنا الأقدمين في كيفية صياغة الحدود والتعاريف، والتعليل، والتقعيد. وتنزيل تلك على ما يناسب عصرنا هذا مما لم يكن عندهم من مسائل التطور والنهضة والتكنولوجيا بما يتغير معه نظر الفقيه وفتواه وتعليله وتعريفه للأمور ..

<<  <  ج: ص:  >  >>