للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الضيافة والأعراس]

وإجابة الدعوة لضيافة أو عرس مأمور بها بالنص «وإذا دعاك فأجبه» (١)، ولا يتخلف عنها إلا إن كان معه دعوة سابقة أو عذر لا تكاسلا.

فإن كان في العرس منكرات معلومة، وجب على من حضر إزالتها باليد إن كان لا يحدث فتنة، وإلا أبلغ القائم على العرس، أو نصح بحكمة.

فإن كانت منكرات قطعية كشرب الخمر، أو رقص النساء مع رجال وجب تغييرها والإنكار وإلا حرم الحضور.

والإسراف في الأعراس لا يجوز، سواء في مأكل أو مشرب أو غيرهما (وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف: ٣١).

بل على التوسط بلا خيلاء ولا كِبْر ولا بطر (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان: ١٨).

ولا يسرف في المظاهر والشكليات والنفقات؛ لأنها تكسر قلوب الفقراء والمحتاجين وتؤدي إلى التحاسد، والكبر، والعجب، وما أدى إلى المحرم محرم.

وضرب العيارات النارية الحية: إن غلب أداؤه إلى مفاسد، أو أسرف فيه ولو لم يحصل منه ضرر حرم في الحالتين؛ لأن الإسراف والتبذير محرم، قال تعالى (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) (الإسراء: ٢٦)، وقال (وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأنعام: ١٤١).

وأما الضرب بالسلاح الثقيل في الأعراس فهو محرم؛ لأنه خروج عن التوسط الذي قام عليه الدين إلى البطر والإسراف، والمخيلة على الخلق (٢).

وضرب الدف، والبَرَع (٣)، والزوامل، والإنشاد في الأعراس كله من الأمور التي تدخل في المباح والمستحب؛ لأنه من إعلان النكاح، ولعدم المحضور الشرعي فيه، بل ورد فيه «أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف» (٤).


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - وهي من العادات في بعض قبائل اليمن.
(٣) - البَرَع: نوع من الرقص اليمني.
(٤) - أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم ١٦١٧٥، عن عامر بن عبدالله بن الزبير عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أعلنوا النكاح». قلت: وسند أحمد حسن. وصححه ابن حبان برقم ٤٠٦٦، وأخرجه الحاكم وصححه برقم ٢٧٤٨، وقال الذهبي صحيح. والضياء في المختارة برقم ٢٦٢. وقال ابن حبان: معنى «أعلنوا» بشاهدي عدل. قلت: وهو في موطأ عبدالله بن وهب برقم ٢٢٣. ومن طريقه أخرجه أحمد. أما رواية الترمذي برقم ١٠٨٩ عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف». قال أبو عيسى هذا حديث غريب حسن في هذا الباب وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث وعيسى بن ميمون الذي يروي عن ابن أبي نجيح التفسير هو ثقة. انتهى. قلت: وتحسين الترمذي له تفردٌ في تحسين حديث عيسى بن ميمون إلا إن كان يقصد التحسين في الشواهد. وتابعه ربيعة بن أبي عبدالرحمن عند ابن ماجة، إلا أنها متابعة غير صحيحة لأنها من طريق خالد بن إلياس وهو شديد الضعف ولا يصلح مثله في المتابعة. وقد حسنه السخاوي في المقاصد الحسنة برقم ١٢٧. قلت: ويغني عنه في ذكر الإنشاد واللهو في العرس ما أخرجه البخاري برقم ٥١٦٢ عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو».

<<  <  ج: ص:  >  >>