للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما التكاثر فهو: نهم الجمع، وهو يؤدي إلى كنز المال لأنه إن تكاثر إما أن ينفقه أو يكنزه، وذم الله التكاثر؛ لأنه يلهي عن مقاصد الحياة الاستخلافية (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ* كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ* كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ* ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (التكاثر: ١ - ٨).

وأما الكنز فهو: جمع المال، وتعداده بلا إخراج ولا تدوير ولا إنفاق في حقه، وهو محرم في نصوص كثيرة (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة: ٣٤)، (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ* الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ* يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ* كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ* نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ* الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ* إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ* فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ) (الهمزة: ١ - ٩).

ويزاد على هذه الأمور الإسراف والتبذير وترك الاقتصاد والتوسط وقد حرمه الله في مواضع من كتابه لما يؤدي إليه من الضرر الكلي العام على الاقتصاد وعلى الدولة والشعب والمجتمع والضرر الجزئي على الاقتصاد الجزئي والفردي (وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف: ٣١)، (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) (الإسراء: ٢٦)، (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) (الإسراء: ٢٩)، (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (الفرقان: ٦٧).

فإذا زالت هذه التصرفات كان الصلاح في الأرض؛ فيأمن الناس، وتكثر الأنشطة والعمالة، والإنفاقات على الخلق، ويكثر البيع والشراء، والتجارات، وينزل الله إضافة إلى هذا ما شاء من بركات في الأنفس والأموال والزروع والثمار لا يعلمها إلا هو.

- قانون الكسب والحياة الحسنة

وقانون الكسب مرتب على بذل الأسباب التي جعلها الله في الأرض، وإمكان الحياة الحسنة بالقول المرتبط بالكسب لسائر البشرية متوفرٌ (فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ* وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (البقرة: ٢٠٠ - ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>