للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع المنفعة المعنوية المتعلقة بالعلم، ومنها الرقيا بالقرآن التي ورد هذا الحديث في سياقها.

ولأن الطبيب يأخذ أجرة على الإخبار بالمرض، وتقرير الدواء، ولا خلاف في جوازه، وهو إنما باع المعلومة الفكرية فقط، سواء اشترى المريض العلاج أم لا.

فإذا جاز ذلك، فمثله إذا اخبرَ الطبيبُ بالمرض وعلاجه في كتاب أرسله إلى المريض بعوض مقابل المعلومة المكتوبة، فإذا عظم الجهد وكتب كافة الأمراض وعلاجاتها في كتاب عام للناس، وباعه بيعا، فهو جهد معتبر جواز بيعه بالأولوية من بيع منفعة إخبار شخص واحد مشافهة أو بمكتوب.

وإذا كتب شخص تفسير القرآن، والحديث، وفقهه، وباع ذلك جاز لعموم «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله».

وحذف المقتضى يدل على العموم فيكون المعنى في النص «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» تعليماً وتفسيراً وكتابةً وتداوياً.

ويستثنى من هذا الدعوة، فأصلها قائم على المجانية (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) (الأنعام: ٩٠).

وكذا يستثنى تعليم فرض العين للصلاة لمن طلب التعلم كالفاتحة ونحوها من قصار السور التي تقرأ في الصلاة.

فإذا امتنع إلا بأجر أثم، وعليه تحمل الأحاديث التي تنهى عن أخذ الأجرة على تعليم القرآن؛ لأنها واردة في قضايا عينية لا على وجه العموم بخلاف «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله»، هذا ما أراه جامعا للأدلة.

[الحقوق الأدبية لا تباع]

والحقوق الأدبية في التأليف، وهي نسبة التأليف إلى مؤلفه، واجب حفظها؛ لأن النسبة إلى غير المؤلف عمدا من القول الكذب والباطل، وهو محرم.

فإن كان على الله كفعل كفرة أهل الكتاب إذ نسبوا إلى الله ما لم يقل فهو كفر. والقول على رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل إن كان قولا كفريا ففاعل ذلك عمدا مرتد، وإن كان غير كفري فهو ضال فاسق ساقط العدالة، ووجب تعزيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>