للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا جُهِلَ اسم مؤلف الكتاب فينسب إلى الكتاب، ويحرم نسبة الكتاب أو ما ينقل منه إلى آخر، فإن كان عالما عامدا فهو فاسق لعموم (لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (آل عمران: ١٨٨).

وذم الفعل والتوعد عليه يدل على تحريمه، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولحديث «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور» (١).

والزور من الكبائر ووصف العمل به يدل على حرمته، ولأن هذا كذب وهو من الكبائر.

ويحرم نسبة تأليف، أو قول، أو فتوى لمعتمد معتبر لم يقلها تلبيساً على الناس لما ينشر باسمه بالقبول، تسريعا لبيع الكتاب، أو طلبا للثقة بما في الكتاب من فكر وقول ولو لم يقصد التجارة، بل لخدمة فكر أو معتقد، أو فئةٍ، أو جماعة، أو حزب، أو قول.

ويحرم لو كان مقصده حسنا، كحث الناس على خير ديني كترغيب وترهيب أو دنيوي كتعاون ونحو ذلك.

فهذه الصور مشمولة بحكم التحريم شرعا، والمقصد الحسن لا يبرر الفعل السيئ بدليل «إن جماعة استهموا على سفينة ... » (٢).

ويحرم أن يقول مؤلفٌ «قلت»، ثم ينقل نص كلام لآخر بغير بيان إيهاما أنه من تحريره وقوله.

ودعوى توافق الأقوال بعيدة؛ لأن المذهب قد يتفق كثيرا، لا نَصُّ الأقوال بحروفها؛ فهو محال عادة إلا في صياغة قاعدة نحو: الحرج مرفوع، فيمكن التوافق بين مؤلفين فيها مذهبا ونصا، ولو لم يطلع أحدهما على الآخر.

ويجوز في النقل الشفوي كمحاضرة، أو نحوها من خطب، أو فتوى أن يذكر القول على جهة العموم بلا ذكر لقائل، ولا نسبة إلى نفسه، وله أن يقول قال البعض، أو الأكثر، أو الجمهور بلا تحديد لأسماء.


(١) - متفق عليه (البخاري برقم ٥٢١٩، ومسلم برقم ٥٧٠٦) عن أسماء أن امرأة قالت يا رسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور.
(٢) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>