للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلمة الدكتور عائض بن عبدالله القرني ..]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فقد طالعتُ كتاب (المقدمة في فقه العصر) لفضيلة الشيخ العلامة الدكتور فضل بن عبدالله مراد ووقفتُ مع الكتاب وقفات تأمل وتدبر ووجدتُ المؤلف صاحب همة جياشة ونفس وثّابة وذاكرة متقدة فذكرني بلمعان البرق اليماني، في تجرد الأمير الصنعاني، وفهم المجتهد الشوكاني، وصبر المفتي العمراني، كيف وهو من أوطانهم، وقد درج في وديانهم.

ألا أيها الركب اليمانيون عرجوا ... أسائلكم هل سال (نعمان) بعدنا

علينا فقد أمسى هوانا يمانيا ... وحب إلينا بطن نعمان واديا

وقد استعرضت كتابه المقدمة في ليال معدودات فذكرني بمقدمة ابن خلدون في مسألة الإبداع والإمتاع، والتجديد والاختراع، فقد صمد إلى فقه النوازل والمستجدات وحوادث العصر، فأصل لها أحكاماً شرعية، وفتاوى مرعية، وعصمها بالنصوص، عصمة الخواتم بالفصوص، تحدث عن مرافق الدولة الإسلامية، فقنن لها أحكاماً نبوية، فتناول شأن الدولة من أدناها إلى أقصاها، فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وأسلوب واضح مشرق ينم عن ذاكرة عالم محقق، وفقيه مدقق مع البعد عن الخلافيات، والإغراق في المنقولات، ولما أنست بخمائل هذا الكتاب وجدتُ سماحة الشريعة ويسر الدين ومواكبة العصر والإلمام بشؤون الحياة فصار الكتاب جواباً عملياً لمن سأل عن مواكبة الشريعة للنوازل والمستجدات، وصلاحيتها للحوادث والملمات، ولغة الكتاب غضة طرية، كأنه روضة ندية، كأنه جنة عذبة الثمار، ندية الأزهار، من جمال الآيات والآثار، وحسن الإيراد والإصدار، ولو قُيل رأيي في عنوان الكتاب لسميته: (فقه العصر)؛ لأنه كفى وشفى، ورقّ وصفى، فقد قيد الشوارد وحبس الأوابد، ومن سلاسته وعذوبته انغمست في مطالعته كأنني أطالع كتاب تاريخ يشجيني بأخباره أو أسامر سِفراً أدبياً يبهجني بأشعاره فلم أجد في هذا الكتاب جمود التقليد ولا غبار التعصب ولا مشاكسة المخالف ولا تصعيب العبارة أو

<<  <  ج: ص:  >  >>