للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حق تسمية الطفل]

وإذا ولد المولود وجب تسميته؛ لقوله (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ) (الأحزاب: ٥). ولا يدعى إلى أبيه إلا باسمه واسم أبيه، حقيقة أو تقديرا كابن فلان (١).

ولأن هذا حق من أصل الفطرة والخلقة؛ لقوله تعالى (لِتَعَارَفُوا).

والاسم يدخل في التعارف دخولا أوليا، ولقوله (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (الروم: ٣٠).

فجعل الدين القيم وفق الفطرة، والاسم من الفطرة، ولأن هذا من الضرورات؛ لمعرفة الأنساب، والحقوق، والأموال.

وحفظ الضرورات واجب، فلو لم يوجد اسم لجهلت الرسالة بجهل اسم الرسول، ولجهل نقل أسانيد العلم والسنن، وضاعت الحقوق وأهدرت الدماء والأموال؛ لتعذر ضبط الجناة حينئذ.

وهذا كله هو من المعنى الحقيقي لقوله تعالى (لِتَعَارَفُوا).

وذكر الله في الآية منتهى النسب التعريفي، وهو الشعب والقبيلة.

فكم ممن اسمه زيد في العالم فإذا قيل اليماني حصر، وإذا قيل آل فلان حصر أكثر، وإذا ذكر أبوه وجده تبين قطعا.

ولذا قال الله (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ) (الأحزاب: ٥).

ولا يتوصل إلى التعريف المقصود الذي تقام به الحقوق والواجبات، وما له وعليه من قصاص وديات وديون عادة: إلا باسمه واسم أبيه وجده ثم قبيلته.

ولا يتوصل إلى التعريف الذي تقام عليه الحقوق عادة بذكر اسم الشخص وقبيلته، أو شعبه (٢) مباشرة مجردا عن اسم أبيه وجده.

وكثيرا ما تتطابق الأسماء: اسمه، واسم أبيه، وكثيرا مع اسم الجد، والفاصل نسبته إلى القبيلة والشعب، فجُعِل التعريف بالنهاية الفاصلة فاصلاً.

والشعب: ما نسب إلى جغرافيا غالبا.


(١) - نحو قولنا: ابن خلدون فاسمه مقدر، وهذا معروف في علم التراجم (من نسب إلى أبيه أو جده).
(٢) - بدون أبيه وجده كزيد العربي فلا يتوصل به إلى حفظ الحقوق غالبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>