للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل أمره الله بجهادهم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (التحريم: ٩).

وجهادهم منه: تغيير منكراتهم باليد، ولو أظهروا منها الإحسان إيهاماً (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ) (البقرة: ١١ - ١٢).

ولذا نُهِي عن مسجد الضرار وهو مسجد ظاهره الدين، ونزلت فيه نصوص وهي أصل في إلغاء كل وكر اتخذ ظاهرا للإحسان وباطنا للجريمة؛ لأنه إن كان ذلك في المسجد فغيره أولى.

- التخطيط العمراني:

والتخطيط العمراني للمدن والسكن من المصالح العامة، والشريعة جاءت لرعايتها، وهي من الإحسان المأمور به في قوله تعالى (وَأَحْسِنُوَا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: ١٩٥)، ولأن التخطيط يعتبر قياما من ولاة الأمر بحق المواطنين لأن ذلك من مقتضيات العقد لما فيه من المصلحة العامة والتيسير لهم ولمعايشهم وهو داخل في النصح للأمة، وقد ذمّ الشرع من شق على الأمة وفي ترك التخطيط والإحسان فيه إشقاق ظاهر على الأمة.

ويكون في المدن وجوبا التخطيط لوسائل دفع الأضرار من مقالب القمامات ومجاري مياه الصرف بحيث تبعد وجوبا من السكن؛ لعظم ضررها إن لم يفعل بها ذلك، وهو فساد (وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) (البقرة: ٢٠٥).

والطريق العام ملك عام، وتكون سعة الشوارع بحسب عموم نفعها؛ فلا يتخذ في داخل الحي الصغير شوارع عظيمةَ السعة لا يبرر وجودها لمصلحة حالية أو مآلية؛ لأن هذا من العبث، والشريعة تنهي عنه.

ولأن تصرفات الحاكم منوطة بالمصلحة العامة ولا مصلحة هنا.

بل يجعل لكل شارع سعة بقدر عموم نفعه، بلا زيادة فاحشة ولا تقصير مفسد.

والمرور في الطرقات مقيد بسلامة العاقبة.

فمن مر بسيارته فضربت حجرا فحصل إتلاف به ضمن، هذا في الأصل؛ لأن الأموال والأنفس محترمة، وحقك المباح في العبور لا يطغى على حق غيرك في السلامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>