للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وأما العصيان المدني]

فيمكن أن نعرفه فنقول:

العصيان المدني هو: ترك الطاعة لمن تجب له طاعة مقيدة من البشر لعلةٍ.

وأما من تجب طاعته مطلقا وهو الله ورسوله فيحرم العصيان لأي أمر، لقوله تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور: ٦٣). وقوله تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (التغابن: ١٢). والنصوص كثيرة.

وطاعة الله ورسوله هي: عدم مخالفة القرآن والسنة.

وأما من تجب طاعته مقيدة فهم:

أ- الوالدان ما لم يأمرا بخلاف ما أمر الله به ورسوله.

ب- والزوج طاعته واجبة على الزوجة في المعروف (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) (النساء: ٣٤)، فإن أمر بما لا يجوز في الشريعة فلا طاعة له.

ج- وطاعة أولي الأمر للنص (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) وهو مقيد بقوله تعالى في نفس النص (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) (النساء: ٥٩). أي إذا اختلفتم مع أولي الأمر فتابعوا طاعة الله ورسوله.

والعصيان المدني هو: ترك طاعة الحاكم، وهو مقيد في الإطار المدني السلمي، لا المسلح؛ لأن المسلح له شروط عسيرة وتقديرات صعبة.

فإن أمر الحاكم بأمر على خلاف الشريعة، أو على خلاف ما تقتضيه المصلحة الغالبة العامة، وخلاف مقتضيات العقد معه الممثل في الدستور، فأمره باطل ولا طاعة له، فإن أجبر الناس على طاعته فهو منكر، فمن استطاع تغييره وجب عليه باليد واللسان والقلب؛ للنص في قوله صلى الله عليه وسلم «سيكون أمراء يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان» (١) أخرجه أحمد وغيره.


(١) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>