للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستطاعة إما:

١ - فردية في تحمل البلاء كسيد الشهداء الذي أمر ونهى فقتل، وهو ثابت في النص الصحيح «سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» (١)، وكصاحب قوم فرعون الذي آمن سراً (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) (غافر: ٢٨)، وكما فعل الأنبياء والرسل مع الجبابرة وهم فرادى.

٢ - أو جماعية: فإن كانت بالسلاح منعت؛ لأنها تغلب عليها الفتنة التي تجاوز حدود الجواز ويتعذر تقديرها، وإن كانت بغير السلاح كالخروج في مظاهرة، أو اعتصام، أو إضراب فلا مانع فيه في الأصل على تفاصيل سبقت.

فإن استطاعوا تغيير المنكر بذلك كفى، فإن لم يُستطع ذلك فهذا الحاكم الآمر على خلاف أمر الله ورسوله وخلاف مقتضيات المصلحة الغالبة العامة تعتبر أوامره باطلة، وهو فاسق، وولايته باطلة؛ لأن الولاية لا يعهد بها لظالم (قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة: ١٢٤)؛ ولأن الله شرط في الحكم العدالة (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ) (المائدة: ٩٥).

والعدالة في الشخص غير العدل، بل هو من مقتضياتها.

فأوامر هؤلاء المخالفة للشريعة هي الأهواء، والله يقول (وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ) (المائدة: ٤٨).

فيحرم العمل بهذه الأوامر، وللنص (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ* الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) (الشعراء: ١٥١ - ١٥٢).

وهو معنى العصيان.

فإذا اتفق الناس عليه فقد اتفقوا على العصيان وهذا هو العصيان المدني، ويدل له حديث البخاري «هلاك أمتي على يد أغيلمة سفهاء من قريش. قالوا: ما تأمرنا؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم» (٢)، والاعتزال الشعبي هو مقصود العصيان.

وللحديث الصحيح «لا تكن لهم جابيا ولا شرطيا، ولا خازنا، ولا عريفا» (٣).


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - تقدم تخريجه.
(٣) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>