للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون هذا جزئيا، أو كليا بحسب مخالفة الحاكم للشريعة وما انبثق من المصالح العامة للناس.

فيكون جزئيا مع جزئيات المخالفة، وكليا مع كليات المخالفة.

ويجب هنا التفريق بين مسألتين هما: الحاكم العاصي، والحاكم الآمر بالمعصية.

فالحاكم العاصي في نفسه فاسق والأصل بطلان ولايته، لكن إن أجرى العدل والحق فالصحيح أن أمره إلى الله.

ومترتبات الإنكار العام بالإضراب ونحوه لمعصية الحاكم فيما بينه وبين الله غير مشروعة؛ لأنه في معصية نفسه كآحاد الأمة، يوجب ذلك نصحه سرا وموعظته وعدم فضحه إلا إن أعلن وجاهر، لأن الناس يقتدون به.

بخلاف الحاكم الآمر بالمعاصي، فهنا تعلقت المعصية بأصل وموضوع الحكم، فهذا معصيته في ما أمر على خلاف الشرع واجبة وفرض عين على كل أحد.

فإن أكثر من ذلك كثرت معصيته وتوسعت حتى يتشكل عصيان مدني مجتمعي فردي وأسري ومجتمعي ولو بلا توافق.

فإن توافقوا وأعلنوا فهو من التعاون على البر والتقوى.

وهذا هو العصيان المدني الفردي السلمي الذي ينتهي بانتهاء المفاسد ورفعها، أو بإسقاط الآمر بمعصية الله والفساد في الأرض باسم الشعب وشرعيته وهو الحاكم، وكل هذا جائز.

ويدل له الكثير من النصوص كأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، والتعاون على البر التقوى، وحديث البخاري «لو أن الناس اعتزلوهم» وحديث «لا تكن لهم جابيا ولا شرطيا ولا خازنا ولا عريفا»، ومنه قوله تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ) (الشورى: ٣٩).

فإن بغى عليهم نظام حاكم، فعلى الشعب أن ينتصر على هذا البغي بوسائل تجلب أفضل المصالح وتدفع أكثر المفاسد.

والاعتصامات والعصيان المدني السلمي العام لإسقاط البغي الظالم هو من الانتصار على البغي، وهو أعلى أنواع الانتصار؛ لأدائه إلى إزالة الظلم والبغي بقوة الجماعة العامة سلماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>