للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأولى: أن لا ترسل الرسائل لرجل أجنبي إلا لضرورة بحيث لو اطلع من يهمه صيانة سمعتها، ويتضرر إن تضررت، من ولي وزوج لا يَكْرَه ذلك.

ولأن الخَبَث قد كثر؛ ولأن الله يقول (حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) (النساء: ٣٤).

يعني: إذا غاب زوجها حفظت غيبته فلا تفعل ما لا يرضى، ولحديث «إذا غاب عنها حفظته في عرضه وماله» (١).

أما إخفاء ذلك؛ لعدم الرضى، فهو دليل على خروج القول عن المأذون به شرعا، وهو القول المعروف (وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) (الأحزاب: ٣٢)، فلا يجوز.

وليست من الصالحات من هاتفت أو راسلت بما لا يرضاه الشرع، أو بما يعيب سمعتها وأهلها بين الناس (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) (النساء: ٣٤).

(قَانِتَاتٌ) يعني طائعات لله ولأزواجهن.

(حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ) يعني تحفظ غيبة زوجها، فلا تفعل في غيبته ما لا يرضاه أو يغضب منه أو يعيبه بين الناس (٢).

[الشات (الدردشة)]

ومن اشترك في الشات حرم عليه إيذاء الخلق، والأعراض، وكل ما يسخط الله. وهو وإن لم يعرف شخصه، فإن الله يعلمه ويراه ويسمعه (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) (النساء: ١٠٨).

وإذا اشتركت المرأة في الشات احترزت عن اللهو والخضوع مع الرجال الأجانب؛ لأنه محرم (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) (الأحزاب: ٣٢)، وليس من القول المعروف المأذون فيه بل نوع خضوع أو خضوع (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) (الأحزاب: ٣٢).


(١) - أخرجه أبو داود بسند صحيح برقم ١٦٦٦ عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) (التوبة: ٣٤) قال كبر ذلك على المسلمين فقال عمر رضي الله عنه أنا أفرج عنكم. فانطلق فقال يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقى من أموالكم وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم». فكبر عمر. ثم قال له «ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته».
(٢) - ذكر هذه المعاني وغيرها أهل التفسير، انظر تفسير ابن جرير الطبري (٦/ ٦٩٠) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>