للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمنظمات الحقوقية التي تدافع عن المظلوم وتنصره بما يحقق دفع الضرر والمظلومية هو أمر لا شك في مشروعيته؛ لأدائه إلى ما أمر الله به من العدل ودفع البغي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي كل ذلك نصوص بالغة حد القطع؛ فإن لم يقم بنصرة المظلوم أحد وجب ذلك على منظمات أقيمت لأجل هذه القضايا مع القدرة، ويحرم ترك نصرة مظلوم؛ لأنه إبطال لمقصود ما أقيمت له المنظمة وهو منهيٌ عنه؛ لقوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) (محمد: ٣٣)، إلا عند تحقق العجز؛ لعموم النص (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة: ٢٨٦).

[السلطة المجتمعية الكبرى]

ومن أكبر قواعد الشريعة قاعدة «العادة محكمة»، وهي إحدى القواعد الكبرى التي تدور عليها الشريعة.

وهذه قاعدة مجتمعية هامة، فكل العادات والأعراف المجتمعية الصحيحة مُحكَّمة شرعا إذا لم تناقض المأمورات والمنهيات التكليفية الصريحة الصحيحة.

وشرط اعتبار العادة أن تكون عامة مستمرة موافقة للمشروع.

وشُرِعَ موافقة العادات؛ مراعاةً لعدم الفُرْقة والنُّفرة.

وهذا أمر معتبر في الشرع؛ ولذا قال الفقهاء في مخالف العادات الصحيحة إنه مخروم المروءة، وهي جزء من العدالة في بعض الأمور كالرواية للحديث والشهادة.

فالعادة المشروعة الفاضلة يمكن تعريفها أنها: إلزام مجتمعي على الفضيلة.

فهي -إذا- من الوسائل في نشر مقصود الشريعة والتمسك بها، فوافقت خدمة الشرع في بناء المجتمع، فشرعت.

ولما كان الإلزام القضائي متعذرا في البناء المجتمعي؛ لاحتياجه إلى رقابة شاملة على مكونات المجتمع، كانت العادة واقعا هي القضاء المجتمعي الملزم برقابة شاملة من عموم المجتمع لبعضه، فالعادة المجتمعية هي السلطة القضائية المجتمعية بلا كلفة مالية ولا رسمية، فاعتمدها الإسلام سلطة يرجع إليها، وجَعَلَها حَكَمَاً، وقَعَّدَ الفقهاء لها أصلا هو «العادة مُحَكَّمَة».

<<  <  ج: ص:  >  >>