للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة: ١١٤).

فلا ظلم فوق المنع.

والامتناع عن بناء مسجد بلا عذر هو كالمنع؛ لأنه إن كان لعجز فيجوز بناؤه بأدنى متيسر ولو بإحاطة مكانه وتعليمه كمسجد للصلاة، وإن كان لجهل فهذا نادر جدا قد لا يقع أصلا.

فلم يبق إلا أن صدود قلوبهم عن بناء المسجد كائن عن عدم تعظيم شعائر الله، ويجب أن يتعاون من تقوم بهم الكفاية وإلا بناه فرد واحد بقدر استطاعته.

وعلى قادرٍ إعانته، ولو من غير أهل الحي، إعانة مادية، وفعلية، ومعنوية.

ورفع الأذان للصلوات الخمس في المساجد واجب؛ لأنه قوله وتقريره صلى الله عليه وسلم مدة حياته، ولم يتركه سفرا ولا حضرا، وأمره بلالا ومؤذنيه بما هو ظاهر في دلالته على الوجوب.

- تحريم جعل التسجيل الصوتي للأذان عوضا عن المؤذن:

ولا يجوز جعل تسجيل صوتي للأذان في مسجد بدلا عن المؤذن؛ لقوله تعالى (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج: ٣٢).

وهذا ليس من التعظيم في شيء، بل هو إلى الاستخفاف أقرب.

فإن كان عاما في مساجد بلاد أو دولة، فهو أعظم في الاستخفاف، ودليل سقوط تعظيم شعائر الله من قلب من أمر بذلك، ولا يفعلها إلا جاهل سفيه، وإن كان الآمر بذلك هو الإمام أو الحاكم فلا طاعة له؛ لأنه يصد عن سبيل الله ويهون شعائر الله في القلوب؛ ولأن مآل أمره منع ذلك؛ لأنه لا يتدرج إلى الكمال بل إلى النقص، وهو سعي في خراب المساجد لا في عمارتها (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة: ١١٤).

وقوله سبحانه (وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) (البقرة: ١١٤)، يدل على التدرج والاستمرار لا تخريبها جملة واحدة.

ولأن الأذان بتسجيل صوتي موحد في الدولة مؤد كذلك لتقديم وتأخير الصلوات عن أوقاتها، والإفطار قبل أو بعد وقته؛ لاختلاف الغروب باختلاف الأماكن في الدولة الواحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>