للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلاقات الدولية والسياسات الخارجية

الأصل دعوة كل كافر لا قتل كل كافر، والأصل السلام لا الحرب، لقوله تعالى (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات: ١٣)، وقوله تعالى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: ٨).

والأصل إعداد القوة البالغة بجاهزية بالغة للردع عند فرض ذلك فرضا شرعيا (١).

- الأصول الستة التي تقوم عليها العلاقات والسياسات الخارجية:

والعلاقات والسياسات الخارجية قائمة على ستة أصول استنبطناها بالتتبع والاستقراء من نصوص القرآن والسنن ومقاصد وقواعد الشرع.

فالعلاقات بين دولة الإسلام وغيرها، وبين المسلم وغيره: تعاونية، تبادلية، سلمية، مثلية، عادلة. والقتالية استثناء عند اقتضاء السبب من عدوان أو فتنة لأهل الإسلام، أو لمن أراد الدخول في الإسلام.

فقولنا «تعاونية»: وذلك كما تعاون رسول الله صلى الله عليه وسلم مع يهود أول مقدمه المدينة على حماية المدينة بوثيقة مشهورة منقولة بالاستفاضة عند أصحاب السير (٢).

وجاء في الصحيح عند البخاري أن علي بن أبي طالب ذهب مع يهودي لجلب الإذخر وبيعه في السوق لوليمة عرسه (٣)، وهذا تعاون.

وكانت الأسواق التجارية مفتوحة للتجار، وقنن عمر ذلك (٤)، وأمر بتيسير عمل التجارة


(١) - والجهاد مفروض لتكون كلمة الله هي العليا، وحتى يكون الدين كله لله، وحتى لا تكون فتنة، ولدفع بغي وعدوان، انظر فقه الجهاد من كتابنا هذا.
(٢) - تقدم تخريجها.
(٣) - أخرجه البخاري برقم ٢٠٨٩ عن علي بن حسين أن حسين بن علي رضي الله عنهما أخبره أن عليا قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفا من الخمس فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين وأستعين به في وليمة عرسي.
(٤) - قولنا «وقنن عمر ذلك» أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف بسند صحيح برقم ١٠٦٨٦ أن عمر بعث عثمان بن حنيف، فجعل على أهل الذمة في أموالهم التي يختلفون بها في كل عشرين درهما درهما، وكتب بذلك إلى عمر بن الخطاب فرضي وأجازه، وقال لعمر: كم تأمرنا أن نأخذ من تجار أهل الحرب؟ قال: كم يأخذون منكم إذا أتيتم بلادهم؟ قالوا: العشر، قال: فكذلك فخذوا منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>