للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشتراط كون رأس المال نقدا لا عروضا لا دليل عليه سوى احتمال الغرر، والاحتمالات لا تبطل الأحكام؛ فإن غلب الغرر أو تيقن صح هذا الشرط، وتقدم ندرة وقوع هذا الآن في المعاملات الحديثة لدقة الضبط في سائر أمورها.

واشتراط كونه منقودا لا دينا خارجٌ عن الأدلة الشرعية السابقة إلا في صورة الدين غير الحال مع عدم الرضى بالتعجيل؛ فإن طلب المضاربة بالدين فوق طلب استيفائه، ولا يحق له استيفاؤه أصلا؛ لأنه مؤجل إلا إن رضي صاحب الدين بالتعجيل ودخلا معا في مضاربة بهذا المال جاز؛ لأن التعجيل جائز والتراضي على عقد المضاربة جائز.

فالمدين يأخذ قدر الدين من ماله للمضاربة فيه على الربح المتفق عليه في العقد.

فلا مانع لا شرعا، ولا عقلا، ولا عادة، لعموم (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: ٢٩).

وقد استقرأت حجة من منع فلم أجد لها نصا من كتاب ولا سنة، ولا معنى معقول صحيح تقصده الشريعة، وجميع الموانع الخمسة وما يدخل تحتها من الأدلة منعدمة هنا.

وأما اشتراط أن يكون رأس المال معلوما فعليه دليل؛ لأن عدم معلومية رأس المال تغرير فاحش، فهو من نوع المقامرة كبيع الملامسة والمنابذة.

فلا يصح العقد إلا بذكر مال معلوم.

أما الربح فشرطه المعلومية؛ فيحرم ويبطل العقد مع عدم معرفة نسبة الربح بينهما؛ لأنه ميسر ومقامرة، وهو محرم.

فيجب ذكر نسبة كل طرف وأن يكون شائعا في جميع المال المستثمر مضاربة وأن يكون نسبة لا بعدد؛ لأن الدفع بالعدد إجارة لا مضاربة.

ولأنه لو أعطي بقدر العمل إجارة لأمكن استغراق جميع الربح، وقد يستهلك أجرته من رأس المال فتحصل الخسارة لطرف، وهو خلاف مقصود العقد القائم على توزيع الربح بالنسبة.

ولا يصح ضمان الربح؛ لأنه حينئذ ضرر بالعامل في المضاربة وضرر فاحش وهو مدفوع؛ ولأنه حينئذ يجب عليه رد رأس المال؛ لأن الربح فرض عليه مضمون ولا ربح إلا بضمان رد رأس المال، وهذا هو الربا المحرم؛ لأنه مطابق حينئذ للدين بفائدة، وهذا مانع مبطل للعقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>