وإذا صُحِّح العقد بإبطال هذا الشرط؛ جاز وصح؛ لأن تصحيح العقود المالية بإزالة المانع يدل عليه قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)(البقرة: ٢٧٨)، فأمر بترك ما بقي من الربا ولم يأمر بإبطال أصل المعاملة، بل قال (وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)(البقرة: ٢٧٩)، فأبطل الله شرط الربا وأمر بأخذ رأس المال، وهذا يدل على عدم إبطال المعاملة كليا في صورة من باع ذهبا بذهب مع الزيادة في أحدهما، أو باع سلعة بثمن آجل بشرط الزيادة على الثمن في حال عدم الدفع عند حلول الدين. فأمر الله بالتوبة وأخذ رأس المال فقط وهو في الصورتين جار مع صحة الصفقة لإطلاق النص.
وما ذهبت إليه هنا وفي غير هذا الموضع من الاجتهاد القائم على المقاصد وقواعد الشريعة ودلالات نصوصها مع اعتبار واقع الحال الذي نعيشه في هذا القرن، قد لا يروق لناسك في التقليد هاجر للنظر الفقهي، وحسبي أني بفضل الله قد فتحت بابا فتحه الله علينا بهذا الكتاب، سيكون له ما بعده بحول الله وقوته من تجديد في الفقه خصوصا ولهذا الدين عموما.
والمضاربة تدخل في الأرض فلو دفع له مالا فاشترى به أرضا ليبيعها، أو بناها للبيع، أو للإيجار مدة معينة، أو دائمة ويديرها ولهما ربح ريعها، جاز كل ذلك.
وما ارتفع من سعرها وسعر عقارها فمنه رأس المال للمالك وما فوقه ربح بينهما.
فإن تراجع السعر فغطى رأس المال فهو للمالك، وإن لم يغط فهو خسارة عليه.
ويجوز أن يزرعها ويبيع محاصيلها ثم يقسمان الربح، ويجوز أن يؤجرها بيضاء أو للزرع أو للبناء.
والمضاربة عقد شراكة تجاري عام قائم على (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)(النساء: ٢٩)، فشمل هذه الصور وغيرها ما لم يرد مانع شرعي، والأصل عدمه.
ويجوز أن يستثمر بالمال في الثروات الخمس عشرة وهي: الجوية، والبرية، والبحرية، والمائية، والجغرافية، والمعدنية، والذهب، والفضة، والنفط، والغاز، والحيوانية، والنباتية، والزراعية، والصخرية، والخشبية.