وبدليل صلح الحديبية؛ إذ مقصوده تحقيق الأمن والاستقرار لهما.
وآلية تحقيق الأمن والاستقرار العادل بحفظ كل طرف لما هو تحت سلطاته من دفع المفاسد وجلب المصالح عن الدولة وعمن تحالف معها من الدول.
وقولنا «الأمن والاستقرار العادل المكافئ» احتراز عن اتفاقات دول الهيمنة والعلو في الأرض مع دول الإسلام القاصدة تمكينَ دول العدو ومصلحته لا مصلحة دولة مسلمة إلا إن كانت تبعا غير مقصود تحليلا لإبرام الاتفاق.
فهذا النوع يحرم الدخول فيه؛ لأنه جعل العزة لدول الكافرين على أهل الإسلام فخالف مقصود الشرع (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)(المنافقون: ٨).
ولأنه ناقضَ المصالح العليا للدولة المسلمة؛ وانتقص سيادتها؛ وناقض مقصود إبرام الاتفاق؛ فحَفِظ الأمن والاستقرار لطرف على آخر، وهذا بغي وظلم وإذلال وامتهان للدولة المسلمة وشعبها، وهذا كله محرم.
وقولنا «بحفظ كل طرف لما هو تحت سلطاته»: هو شرط لدفع توهم إنشاء قوات مشتركة لذلك، فلها حكم آخر.
في قولنا «وإنشاء قوات مشتركة من مسلمين وكفرة» إن كان في بلادهم جاز، وإن كان في بلاد الإسلام حرم؛ لأنه ضرر كبير ومفسدة غالبة؛ لقوله (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)(النساء: ١٤١)، وهذا من أعظم السبيل للتمكين من رقابهم.
وإدخالهم قوات الذين كفروا لذلك خلاف الفرض المنصوص والتكليف به؛ ولأن الدول المحافظة على سيادتها لا تأذن بقوات حفظ السلام على أراضيها قطعا؛ لأنه انتقاص من