للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المال بخلاف المضاربة، فعمدتها رأس المال لأن العمل إنما هو فيه، فإذا كان معدوما كدين لم يحل، أو حل عند معسر، كانت المضاربة لغوا؛ لانعدام ما يمكن العمل فيه.

وأما السلم فيجوز بالدين بشرط أن يكون تسليم المسلم فيه مساويا لزمن حلول الدين ولزومه، ولا دليل من كتاب ولا سنة صحيحة على تعجيل رأس مال السلم في المجلس. وهذا المدرك هو ما حدا بالإمام مالك -عليه رحمة الله تعالى- إلى القول بجواز تأخير رأس مال السلم يسيرا.

وقد شرط في المعتمد من المذاهب الأربعة ألا يكون رأس المال في المضاربة دينا.

وأطلقوا ذلك ولم يفصلوا هذا التفصيل ولا بد منه.

ولا دليل يدل على المنع مطلقا، ولا أظنهم إلا قاصدين للمنع من الدين غير الحال أو حالاً عند معسر.

ثم اطلعت على قول آخر لأصحاب الإمام أحمد بالجواز في الدين وأطلقوا، وفيه نظر، بل الصحيح ما قدمنا من التفصيل، وهو أن يكون الدين حالا عند ملئ؛ لأنه إن كان غير حال فهو طلب بغير حق فضلا أن يطلب منه المضاربة به، أو كان حالا على معسر فطلبه منه إلزاماً خلافُ النص (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) (البقرة: ٢٨٠).

والمضاربة به منعها أولى؛ لأنه طلب وزيادة؛ أي لأنه طلب إيجاد المبلغ والعمل بالمبلغ.

وشرط رأس المال أن يكون معلوما، ويحرم كونه مجهولا.

والأسهم إذا عينت بالوصف، وعلمت بما يرفع الجهالة جاز دفعها لمن يضارب فيها، فإذا باعها فربح كان الربح بينهما بحسب الاتفاق.

ويجوز أن يضع مالا في البنك لشراء أسهم للمضاربة بها، وشرط أهل المذاهب الأربعة في المعتمد أن يكون رأس المال نقدا، ولا دليل عليه إلا عدم الانضباط وهي علة معتبرة إذا حصلت؛ فإن أمكن ضبط المضاربة بالعروض بما يرفع هذا جاز.

والأنظمة المحاسبية اليوم، والطرق الاقتصادية، والأدوات، والوسائل، والنظم كفيلة بهذا الضبط؛ ففتواهم صحيحة في زمنها، وما نحن عليه الآن إنْ انضبط صح.

<<  <  ج: ص:  >  >>