للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنص الترتيبي المفهم عند البعض لتقديم الأولاد «أطعم نفسك ثم ابنك ثم زوجك ثم أدناك فأدناك» لا يصح بهذا اللفظ.

وورد في المعنى حديث «إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، فإن كان فضل فعلى عياله، فإن كان فضل فهاهنا وهاهنا» وهو في صحيح مسلم من حديث جابر (١).

وفي حديث أبي هريرة «وابدأ بمن تعول» (٢). فالأول عند عدم الوالدين أو وجودهما مع الغنى جمعا بين النصوص. والثاني عام.

وأما الزوجات فالإنفاق عليهن منصوص بالمعروف حتى المطلقة في العدة (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ) (الطلاق: ٧)، أو المتوفى عنها (مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ) (البقرة: ٢٤٠).

أو المرضعة المطلقة (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) (الطلاق: ٦)، أو الحامل المطلقة (فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (الطلاق: ٦).

ومقدار النفقة وماهيتها راجعة إلى العرف، وهو الآن مأكل ومشرب وملبس ودواء وسكن (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) (الطلاق: ٦)، (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) (البقرة: ٢٢٨)، (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء: ١٩).

ومَنْعُ جماعة من الفقهاء القدامى وجوبَ احتساب الدواء في النفقة راجعٌ إلى الجريان العرفي آنذاك بذلك؛ ولخفة الأمراض والمؤنة فيها، بخلاف عصرنا، فالمرض والدواء والمعاينات واللقاحات، وما انتشر من أمراض العصر الفتاكة يوجب جريان النفقة في الدواء؛ فليس من


(١) - أخرجه مسلم برقم ٢٣٦٠ عن جابر قال أعتق رجل من بني عذرة عبدا له عن دبر فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال «ألك مال غيره». فقال: لا. فقال «من يشتريه منى». فاشتراه نعيم بن عبدالله العدوى بثمانمائة درهم فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه ثم قال «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذى قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا». يقول فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك.
(٢) - حديث «وابدأ بمن تعول» أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة برقم ١٤٢٦، ومن حديث حكيم بن حزام برقم ١٤٢٧، وهما عند مسلم كذلك، الأول برقم ٢٤٤٧، والثاني برقم ٢٤٣٣، وفي مسلم كذلك من حديث أبي أمامة برقم ٢٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>