للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخَصِّص ذلك بمريم، فالتشريع عام، وهذا يدخل في قول الفقهاء «شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه».

والنذر بجعل الولد كذلك طاعة، والنذر في الطاعة جائز.

فما دام الولد تحت يد والده فله ذلك حتى يستقل، فإن استقل ورأى الولد تغيير ما وُجِّه له جاز ذلك له في الأصل؛ لأنه حر في تصرفاته لا يقيدها فعل غيره، أو نذره، ولا إثم على الوالد.

فإن أمره والده بطاعته في الوفاء بنذر الطاعة أطيع إن استطاع الولد.

فإن لم، فلا إكراه، ولا إثم؛ لأن الطاعات متعلقة بالطاقات والاستطاعات (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة: ٢٨٦).

٢ - وفيه مشروعية توجيه الوالد لطفله في الطاعات.

٣ - وفيه أن تصرفات الوالد في طفله بالنظر لا بالضرر؛ فقد أجاز الشرع تصرف أم مريم في توجيهها حَمْلَها لخدمة المسجد؛ لأن فيه نظراً بلا ضرر.

ومَنْعُ تصرفات الإضرار بالطفل والنسل لعموم (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) (البقرة: ٢٠٥).

٤ - وفيه: أن توجيه الوالد لطفله لخدمة خاصة في الدين جائز للذكر والأنثى، بلا فرق.

٥ - وفيه: جواز هبة المجهول؛ لأنها وهبت مريم لله ولا تدري أذكر أم أنثى.

٦ - وفيه: أن الأصل تصحيح النذور والعقود والهبات على ما يطابق الواقع، لا ما طابق الظن.

فأم مريم صح هبتها لله بحملها الذي تظنه ذكرا، فخالف الظن ووقع النذر على الواقع.

٧ - وفيه: العمل بالعموم (مَا فِي بَطْنِي) (آل عمران: ٣٥)؛ فعمت ذكرا أو أنثى.

٨ - وفيه: التفريق بين الذكر والأنثى في القوة والخلقة للعمل؛ لأن الله لم يعترض على قولها (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى) وعقب على قولها (إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى) استقلالا.

لأنه المقصود من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>