فهذا نص قطعي على أن القرآن فيه تبيان لكل شيء، ومن هذه الأشياء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله وفعله وتقريره. فقد نص الله أن أركان بعثته أربعة (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (الجمعة: ٢).
فالتلاوة معروفة أنها للقرآن، وأما التزكية وتعليم الكتاب وتعليم الحكمة فهي أمور غير تلاوة القرآن، وهي التزكية بأقواله وأفعاله وتقريراته وتعليم القرآن أحكاما ودلالات عملية تطبيقية قولا وفعلا وتقريرا. وتعليم الحكمة هي: فقه التعامل للوصول إلى الحق عند الاشتباه والتعارض وفقه الموازنات عند تعارض الحوادث. فهذه الثلاثة الأمور التي هي (وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) لا تكون إلا بأقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، وتلك هي سنته صلى الله عليه وسلم. وهذا استنباط كذلك لا أعلم إن كنت سبقت إليه.