للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن اشترى مسكنا في عمارة مرتفعة سواء كان ما اشتراه منها شقة أو أجنحة أو غرفة؛ فإنه وسائر الملاك في العمارة شركاء بالشيوع في ملك أصل الأرض ويختص كل منهم بملك معين في البناء.

هذا هو الأصل؛ لأن الهواء تابع للأرض بالعرف المتفق عليه بين الناس بالعادة الجارية.

والعمل به مقر شرعا (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) (الطلاق: ٦)، (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) (الأعراف: ١٩٩).

فلا يستقل الهواء بالحكم؛ لأنه تابع، والتابع تابع.

ويجوز النص في العقد على أن ملك الأرض لمالك الدور الأرضي، ويكون البيع لما فوقه بيعا للبناء بالتراضي، فشمله عموم الإباحة الأصلية والنصية الدالة على حل البيع والتجارة، والأصل عدم المانع؛ ولأن شرط البيع التراضي بالنص (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: ٢٩).

فصح العقد، ولا يخرجه عن الصحة إلا دليل مانع، والأصل عدمه.

والهواء في آخر طابق ملك مشترك تبعا للاشتراك في ملك الأرض؛ لأنه تابع لها.

ومن ملك الأرض منفردا جاز أن يبني على آخرِ دوْرٍ، ويبيعَه؛ لأنه مالك للأصل والهواء تابع؛ فجاز له التصرف في الملك وتوابعه، إلا إن جرى الشرط على تركه للانتفاع لملاك العمارة؛ فلا حق له، وانتقلت المنفعة إلى الملَّاك بهذا الشرط؛ لأنه شرط مؤثر معتبر صحيح.

والشرط الصحيح جزء من العقد واجب الوفاء به بعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١).


= وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل: ٨٩).
فهذا نص قطعي على أن القرآن فيه تبيان لكل شيء، ومن هذه الأشياء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله وفعله وتقريره.
فقد نص الله أن أركان بعثته أربعة (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (الجمعة: ٢).

فالتلاوة معروفة أنها للقرآن، وأما التزكية وتعليم الكتاب وتعليم الحكمة فهي أمور غير تلاوة القرآن، وهي التزكية بأقواله وأفعاله وتقريراته وتعليم القرآن أحكاما ودلالات عملية تطبيقية قولا وفعلا وتقريرا. وتعليم الحكمة هي: فقه التعامل للوصول إلى الحق عند الاشتباه والتعارض وفقه الموازنات عند تعارض الحوادث.
فهذه الثلاثة الأمور التي هي (وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) لا تكون إلا بأقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، وتلك هي سنته صلى الله عليه وسلم. وهذا استنباط كذلك لا أعلم إن كنت سبقت إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>