للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأول واجب المؤسسة الأمنية، والثاني واجب المؤسسة العسكرية.

ويمثل مؤسسة الأمن عادة وزارة الداخلية بسائر فروعها من الأمن العام والخاص والشرطة والنجدة والمرور وغيرها.

وفرض أن تتبع سائر أجهزة الأمن قيادة قانونية؛ لأن مقصود العقد في تأسيسها قائم على هذا، وهو مقتضى المصلحة.

والإيفاء بالعقود واجب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١).

ولا يجوز لأي جهة، أو مسئول ولو كان رئيس الدولة أن ينشئ أجهزة أمنية قمعية لا تخضع للأنظمة والقوانين؛ لأداء ذلك إلى نشوء نظام بوليسي حاكم للشعب بسلطان القمع لا بسلطان العقد.

وما غلب أداؤه إلى مفاسد كبيرة عامة في واقع الحال والمآل حرم.

وهذا التعليل يؤدي إلى القول بحرمته شرعا؛ لأن الهدف من إنشاء هذه الأجهزة الأمنية القمعية التابعة لغير الجهة الرسمية في عقد الدستور هو حماية استبداد فئة، وتعميق القمع والإذلال للشعب من غير رجوع إلى نصوص العقد الدستوري الذي انبثق عن الشعب وتقره الشريعة وانبثقت منه القوانين.

والعمل في هذه الأجهزة وحالها ذلك محرم شرعا؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ) (المائدة: ٢).

والقول إن وظيفة مثل هذه الأجهزة وكذا التوظف فيها هو من البر والتقوى مكابرة أو جهل بالحقيقة.

وما يقبضون فيها من رواتب ومكافآت هي من السحت (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) (المائدة: ٤٢).

وسمَّاع وأكَّال صيغة مبالغة تدل على الكثرة.

وهذا عين علة كما هو معروف في الأصول، وهو من أقوى أنواع التعليل، وقد يكون جنس علة وهو معتبر في التعليل بكثرة وقوة، والعلتان متحققتان في هذه المرافق الخارجة عن

<<  <  ج: ص:  >  >>