للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالواجب العدل في الخطاب السياسي عموما، وفي التقييم، أو الخصومة، أو الأعمال، والتصرفات، والخدمات، والمقاضاة؛ لقوله تعالى (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) (الأنعام: ١٥٢).

ويجب العدل شرعا مع المخالفين والمعارضين السياسيين والخصوم ولو كانوا معاديين (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة: ٨).

أي: لا يحملكم البغض والخصومة لقوم على ألا تعدلوا معهم.

والعدل لا يختص بحال أو زمن أو مكان، بل هو عام في الأحوال المختلفة: سلما، وحربا، وأمنا، وخوفا.

وعموم المكان يشمل سائر المناطق الجغرافية.

فالعدل المناطقي الانتقائي محرم، وهو أن يخص به منطقة دون غيرها.

فتشملهم دون غيرهم خدمات الدولة من تعليم، وتأهيل، وبنية تحتية كطرق ورعاية صحية وخدمات الكهرباء والهاتف والمياه، والتعيين القيادي العسكري والمدني.

فهذا ونحوه من العدل المناطقي الذي يترتب عليه ظلم عام. وتعامل الدولة مع الشعب على أساس جغرافي مناطقي عمل لا تقره الشريعة؛ لأنه جور وحيف وفيه مفاسد جمة.

ويجب العدل بين الناس أمام القضاء والنظام والقانون، فإنما هلكت الأمم لإقامة الحق على أناس وترك آخرين «إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه» (١).

والعدالة في الدرجات الوظيفية، والخدمات، والحماية، وتكافؤ الفرص.

ويعطى كل ذي حق حقه، ويتعامل مع كل من خالف في الدين من الكفار أهل الكتاب والمشركين بالعدل (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: ٨).

وبالمثل إن اعتدى (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) (الشورى: ٤٠)، (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا


(١) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>