للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه مصلحة عظيمة (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (يوسف: ٢٣)، فامتنع عن خيانة السيد؛ معللا ذلك بأنه أحسن إليه؛ مبينا أن مواجهة الإحسان بالإساءة ظلم مهلك.

ولما كانت الوسائل تأخذ أحكام المقاصد؛ فعلى الدولة الإكرام والتشجيع والتحفيز بوسائل توصل إلى إحسان الأداء والعمل بإتقان في سائر قطاعات الدولة، فهذه وسائل مشروعة؛ لإيصالها إلى مطلوب شرعي.

ويشرع تشجيع الباحثين، والمخترعين، والمبدعين، والموهوبين، ورعايتهم، وابتعاثهم طلبا لتأهيلهم في كافة المجالات؛ لأنه من الإحسان ووسيلة إليه.

وكذا تكريم المخلصين في الأعمال، والمتقنين، والملتزمين بالأنظمة واللوائح والقوانين، والمنضبطين حضوراً وأداءً في العمل، والأقدمين، والمناضلين، والمجاهدين، ورعايتهم وتكريمهم، وأسر الشهداء والجرحى من العسكريين والمدنيين الذين قضوا دفاعا عن الواجب الشرعي عن الوطن وأمنه واستقراره، وعن المواطن دمه وماله وعرضه.

ومن هذا الباب تشرع العلاوات، والتسكين الوظيفي، والقرض الحسن، والشهادات، والأوسمة، والترقيات، والتعويضات، والهبات، والكفالات، والميزات، والتسهيلات، والإشادة، وكلمة الشكر والعرفان على الملأ، والتنبيه على المحاسن، وحضور رأس الدولة وقياداتها الكبرى فعاليات التكريم تحفيزا وشكرا، وكل هذا من مفردات ووسائل الإحسان.

وقد قصد الشرع الإشادة بالمحاسن، فأشاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصوت في الحرب والسلم، فالأول «صوت أبي طلحة في الجيش كألف رجل» (١)، والثاني نحو «لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داوود» (٢)، وقال «ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم» (٣)، مشيدا بجهده الحربي وقال


(١) - تقدم تخريجه.
(٢) - متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري في البخاري برقم ٥٠٤٨، وفي مسلم برقم ١٨٨٧.
(٣) - أخرجه أحمد بسند حسن برقم ٢٠٦٤٩، وحسنه الترمذي برقم ٣٧٠١، وقال الحاكم صحيح الإسناد، وقال الذهبي صحيح كما في المستدرك والتلخيص ٤٥٥٣. وتصحيح الذهبي لعله لأنه قال في الكاشف عن كثير وُثِق. وقال العجلي ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>