للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يستفتى عليه شعبيا ليكون عقدا عاما عن رضى الشعب.

ويلتزم الحاكم الحالي ودولته به بعد إقراره والاستفتاء عليه؛ لأنه نص عقد عام، والالتزام بالعقود واجب (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١).

سادسا: الوصول للحكم بالقوة المسلحة:

الأصل منعه.

أ- فإن كان الحاكم عادلا مصلحا في الأرض راضية به الأكثرية والسواد الأعظم من الشعب، فالقائم عليه انشقاقي (١) ولا ينظر إلى كونه مصلحا، أو عدلا، أو فاسدا؛ لعموم «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق جماعتكم فاقتلوه كائنا من كان» (٢).

وقتله هو حكم أعلى كخيار شرعي مقنَّن للعقوبة، وليس بالضرورة إيقاعها؛ لجواز سجنه أو العفو عنه إثر محاكمة عادلة؛ لأنه حق عام يخفف، أو يسقط بنظر مصلحي عام من جهة مخولة أو معنية لها تفويض عام في مثل ذلك.

ولجواز إسقاط القصاص من أولياء الدم في القتل العمد العدوان؛ لأنهم مفوضون في ذلك، وهذا كذلك قياسا عليه.

ب- وإن كان الحاكم مفسدا في الأرض وقام عليه مصلح في الأرض مجمع على صلاحه وترجح غلبه على المفسد، فواجب على الشعب القيام معه لحديث «سيكون أمراء يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان» (٣).


(١) - قولنا «انشقاقي»: أطلقنا هذا المصطلح لوجوده في الحديث «يشق الجماعة» وله فقه خاص غير فقه الخروج المعروف، ودقة اللفظ في الحديث هو ما يتوافق مع الواقع السياسي فيمن صنع ذلك، ولعلنا نبسط هذا في شرح قادم للكتاب.
(٢) - أخرجه مسلم في صحيحه برقم ٤٩٠٤ من حديث عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه». وفي رواية له «إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان».
(٣) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>